فانصرفنا ونحن متعجّبون.
قال الأصمعي: رأيت بالبادية أعرابيّةً لا تتكلّم، فقلت: أخرساء هي؟ فقيل لي: لا، ولكنّها كان زوجها معجباً بنغمتها فتوفّي، فآلت أن لا تتكلّم بعده أبداً.
قال الفرزدق أبقي لرجلٍ من بني نهشل، يقال له حصن، غلام. فخرجت في طلبه أريد اليمامة. فلمّا صرت في ماءٍ لبني حنيفة ارتفعت لي سحابةٌ، فرعدت وبرقت وأرخت عزاليها، فعدلت إلى بعض ديارهم وسألت القرا. فأجابوا، ودخلت الدّار، وأنخت ناقتي، وجلست. فإذا جاريةٌ كأنّها طلعة قمر، فقالت: ممّن الرّجل؟ قلت من بني حنظلة. قالت: من أيّ حنظلة؟ قلت: من بني نهشل. قالت: فأنت من الذين يقول فيهم الفرزدق:
إنّ الذي سمك السّماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعزّ وأطول
بيتا زرارةٍ محتبٍ بفنائه ... ومجاشعٌ وأبو الفوارس نهشل
فقلت: نعم. فتبسّمت، ثمّ قالت: فإنّ جريراً هدم قوله، حيث يقول: