ألا بلغا أمّ المؤمنين بأنّنا ... غنينا وأغنينا الغطارفة الجّرد
بعيد مناط المنكبين إذا جرى ... وبيضاء كالتّمثال زيّنها العقد
فهذا لأيّام الغدو وهذه ... لحاجة نفسي حين ينصرف الجّند
فلمّا ورد كتابه، دعت بالدّواة وكتبت إليه:
إذا شئت غناني غلامٌ مرجلٌ ... ونازعته في ماء معتصر الورد
وإن شاء منهم ناشئ مدّ كفّه ... إلى كبدٍ ملساء أو كفلٍ نهد
فما كنتم تقضون حاجة أهلكم ... شهوداً فتقضوها على النّأي والبعد
فعجّل علينا بالسّراح فإنّه ... مناناً ولا ندعو لك الله بالرّدّ
ولا قفل الجند الذي أنت فيهم ... وزادك ربّ النّاس بعداً على بعد
فلمّا ورد كتابها لم يزد على أن ركب الفرس وأردف الجّارية ولحق بها، فكان أوّل شيءٍ بدأها به أن قال لها: بالله أكنت فاعلةً ما قلت؟ فقالت: الله في قلبي أعظم وأجلّ، وأنت في عيني أحقر وأذلّ من أن أعصي الله فيك. ثمّ قالت له: كيف ذقت طعم الغيرة؟ فوهب لها الجّارية، ورجع إلى مكانه.
قالت هند بنت النّعمان بن بشيرٍ لزوجها روح بن زنباع، وكان شديد الغيرة: عجباً منك كيف يسوّدك قومك وفيك ثلاث خصالٍ أنت من جذام وأنت جبان، وأنت غيور؟ فقال لها: أمّا في جذام فإنّي في أرومتها؛