وأمّا الجبن فإنّما لي نفسٌ واحدةٌ فأنا أحفظها، ولو كانت لي نفسٌ أخرى لجدت بها؛ وأمّا الغيرة فحقيقٌ لمن كانت له امرأةٌ حمقاء مثلك أن يغار عليها مخافة أن تجيئه بولدٍ من غيره فتقذف به في حجره.
حكى دعبل بن عليٍّ قال: عبث عطّارٌ اسمه فيروز بامرأةٍ من الشّام تسومه عطراً فعلقت بقلبه، فقعد لها على طريقها، فلمّا أضجرها قالت: والله لو أنّ عبد الله بن سيرة بقربي ما طمعت في هذا منّي. فبلغت عبد الله بن سيرة هذه الكلمة وهو في البعث بأرمينية، فترك مركزه وأقبل لا يلوي على أحدٍ، حتىّ وقف ببابها ليلاً، وكان يوصف بشدّة الغيرة، فاستأذن عليها، فأذنت له، فقال لها: أيّتها المرأة من هذا الذي عبث بك حتّى تمنّيت أنّي بقربك؟ قالت: رجلٌ عطّار. قال لها: فما ابتنى؟ قالت: لا. قال لها: فعديه الليلة القابلة وإنّي أسبقه إلى بيتك.
فبعثت إليه تقول له: إذ أبيت إلاّ ما تريد، فهلمّ إلى بيتي الليلة عندي. فأقبل إليها وقد سبقه ابن سيرة، فلمّا دخل وثب عليه وضربه ضربةً رمى برأسه، ثمّ قتل خادمها، وقال لها: إنّما قتلته لئلّا يطلع على الخبر أحدٌ من النّاس. ثمّ ناولها مائة دينارٍ، وقال لها: اشتري بها خادماً وانفقي باقيها على نفسك. ثمّ قال: هلمّي فأساً فقلع رأس البالوعة ثمّ جرّهما فألقاهما فيها، ثمّ سوّى رأس البالوعة، وقال للمرأة: أظهري