مجرباً وَكَانَ يصلي العتمة مع جيرانه فِي المسجد ثُمَّ يخرج فيقطع الطريق عَلَى فراسخ كثيرة من طريق خراسان ويركب عَلَى فرس لَهُ أشقر ويشد عَلَى يديه ورجليه خرقاً بيضاً ليظن من يراه بالليل أنه محجل ويغير زيه ويتلثم وَكَانَ لَهُ جاسوس يأتيه بخبر من يخرج ومعه مال وربما لقي الجماعة وقاومهم وغلبهم وينصرف من ليلته فيصلي الصبح مع الجماعة فِي المسجد فلما كثر فعله واشتهر اتهم فشهد لَهُ الجماعة بملازمة الصلاة معهم فِي أول الليل وآخره فاشتبه ثُمَّ إنه تاب ومات وخلف هؤلاء الأولاد الثلاثة صغاراً فوصى بهم المأمون إسحاق بن إبراهيم المصغي وأثبتهم مع يحيى بن أبي منصور فِي بيت الحكمة وَكَانَتْ كتبه ترد من بلاد الروم إلى إسحاق بأن يراعيهم ويوصيه بهم ويسأل عن أخبارهم حَتَّى قال جعلني المأمون لأولاد موسى بن شاكر وَكَانَتْ حالتهم رثة رقيقة وأرزاقهم قليلة عَلَى أن أرزاق أصحاب المأمون كلهم كَانَتْ قليلة عَلَى رسم أهل خراسان فخرج بنو موسى بن شاكر نهاية فِي علومهم وَكَانَ أكبرهم وأجلهم أبو جعفر محمد وَكَانَ وافر الحظ من الهندسة والنجوم عالماً بإقليدس والمجسطي وجمع كتب النجوم والهندسة والعدد والمنطق وَكَانَ حريصاً عَلَيْهَا قبل الخدمة يكد نفسه فِيهَا ويصبر وصار من وجوه القواد إِلَى أن غلب الأتراك عَلَى الدولة وذهبت دولة أهل خراسان وانتقلت إِلَى العراق فعلت منزلته واتسع حاله إِلَى أن كَانَ مدخوله فِي كل سنة بالحضرة وفارس ودمشق ونحوها نحو أربعمائة ألف دينار ومدخول أحمد أخيه نحو سبعين ألف دينار وَكَانَ أحمد دون أخيه فِي العلم إِلاَّ صناعة الحيل فإنه قَدْ فتح لَهُ مَا لَمْ يفتح مثله لأخيه محمد ولا لغيره من القدماء المتحققين بالحيل مثل أبرن وغيره وَكَانَ الحسن وهو الثالث منفرداً بالهندسة وَلَهُ طبع عجيب فِيهَا لا يدانيه أحد علم كل مَا علم بطبعه وَلَمْ يقرأ من كتب الهندسة إِلاَّ ست مقالات من كتاب إقليدس فِي الأصول فقط وهي أقل من نصف الكتاب ولكن ذكره كَانَ عجيباً وتخيله كَانَ قوياً حَتَّى حدث نفسه باستخراج مسائل لَمْ يستخرجها أحد من الأولين كقسمة الزاوية بثلاثة أقسم متساوية وطرح خطين بَيْنَ خطين ذوي نوال عَلَى نسبه فكان يحللها ويردها إِلَى المسائل الآخر ولا ينتهي إِلَى آخر