أمرها لأنها قَدْ أعيت الأولين فكان يروض فكره فِيهَا حَتَّى أنه حكى عن نفسه أنه يغرق فِي الفكر فِي مجلس فِيهِ جماعة فلا يسمع مَا يقولون ولا يحس بِهِ وهذا قَدْ يعرض لأصحاب الهندسة قال ولقد فكرت يوماً فأطلت ثُمَّ قطعت الفكر لما غرقت فِيهِ فرأيت الدنيا قَدْ أظلمت فِي عيني وَكَانَ مغشي علي أَوْ أنا فِي حلم وسأل الحسن هَذَا بحضرة المأمون يوماً المروزي وَكَانَ جيد العلم بكتاب إقليدس والمجسطي فقط وَلَمْ يكن لَهُ فكر يستخرج بِهِ شيئاً من المسائل الهندسية فدعاه الحسن بن موسى إِلَى أن يلقي عَلَيْهِ مسألة ويلقي هو عَلَى الحسن مسألة وَلَمْ يكن المروزي من رجاله فقال المروزي يَا أمير المؤمنين أنه لَمْ يقرأ من كتاب إقليدس إِلاَّ ست مقالات وَكَانَ عند المأمون أن من لَمْ يقرأ هَذَا الكتاب لا يعد مهندساً البتة فالتفت المأمون إِلَى الحسن غير مصدق للمروزي وسأله عن دعواه كالمنكر فقال والله يَا أمير المؤمنين لَوْ استخرجت الكذب لأنكرت قوله ودعوت إِلَى المحنة لأنه لَمْ يكن يسألني عن شكل من أشكال المقالات الَّتِي لن أقرأها إِلاَّ استخرجت بفكري وأتيته بِهِ وَلَمْ يكن يضرني أني لَمْ أقرأها إذ كَانَتْ هَذِهِ قوتي فِي الهندسة ولا تنفعه قراءته لَهَا إذ كَانَ من الضعف فِيهَا بحيث لَمْ تغنه قراءته فِي أصغر مسألة من الهندسة فإنه لا يحسن أن يستخرجها فقال لَهُ
المأمون مَا أدفع قولك ولكني مَا أعذرك ومحلك من الهندسة محلك أن يبلغ بك الكسل أن لا تقرأه كله وهو أصل الهندسة بمنزلة حروف اب ت ث للكلام والكتابة. مأمون مَا أدفع قولك ولكني مَا أعذرك ومحلك من الهندسة محلك أن يبلغ بك الكسل أن لا تقرأه كله وهو أصل الهندسة بمنزلة حروف اب ت ث للكلام والكتابة.
ابن رضوان المصري واسمه علي بن رضوان بن علي بن جعفر الطبيب كَانَ عالم مصر فِي أوانه فِي الأيام المستنصرية فِي وسط المائة الخامسة وَكَانَ فِي أول أمره منجماً يعقد عَلَى الطريق ويرتزق لا بطريق التحقيق كعادة المنجمين ثُمَّ قرأ شيئاً من الطب وشيئاً من المنطق وكان من المغلقين لا المحققين وَلَمْ يكن حسن المنظر ولا الهيئة ومع هَذَا تتلمذ لَهُ جماعة من الطلبة وأخذوا عنه وسار ذكره وصنف كتباً لَمْ تكن غاية فِي بليها بل هي مختطفة ملتقطة مبتكرة مستنبطة ولابن بطلان معه مجالس ومحاورات وسؤالات وَقَدْ ذكرت بعضها فِي أخبار ابن بطلان