بغيره وجمعت بَيْنَ يدي ظهوراً فكل حجة كنت أنظر فِيهَا أثبت مقدمات قياسه ورتبتها فِي لَكَ الظهور ثُمَّ نظرت فيما عساها تنتج وراعيت شروط مقدماته حَتَّى تحقق لي حقيقة تِلْكَ المسألة وكلما كنت أتحير فِي مسألة أَوْ لَمْ أكن أظفر بالحد الأوسط فِي قياس ترددت إِلَى الجامع وصليت وابتهلت إِلَى مبدع الكل حَتَّى فتح لي المنغلق منه ويسر المتعسر وكنت أرجع بالليل إِلَى داري وأضع السراج بَيْنَ يدي واشتغل بالقراءة والكتابة فمهما غلبني النوم أَوْ شعرت بضعف عدلت إِلَى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إِلَى قوتي ثُمَّ أرجع إِلَى القراءة ومتى أخذني أدنى نوم أحلم بتلك المسألة بعينها حَتَّى أن كثيراً من المسائل اتضح لي وجوهها فِي المنام وَلَمْ أزل كذلك حَتَّى استحكم معي جميع العلوم ووقفت عَلَيْهَا بحسب الإمكان الإنساني وكل مَا علمته فِي ذَلِكَ الوقت فهو كما علمته الآن لَمْ أزدد فِيهِ إِلَى اليوم حَتَّى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي ثُمَّ عدت إِلَى العلم الإلهي وقرأت كتاب مَا بعد الطبيعة فما كنت أفهم مَا فِيهِ والتبس عَلَى غرض واضعه حَتَّى أعدت قراءته أربعين مرة وصار لي محفوظاً وأنا مع ذَلِكَ لا أفهمه ولا
المقصود بِهِ وآيست من نفسي وقلت هَذَا كتاب لا سبيل إِلَى فهمه وإذا أنا فِي يوم من الأيام حضرت وقت العصر فِي الوراقين وبيد دلال مجلد ينادى عَلَيْهِ فعرضه عَلَى فردته رد متبرم معتقد أن لا فائدة فِي هَذَا العلم فقال لي اشتر مني هَذَا فإنه رخيص أبيعكه بثلاثة دراهم وصاحبه محتاج إِلَى ثمنه فاشتريته فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي فِي أغراض كتاب مَا بعد الطبيعة فرجعت إِلَى بيتي وأسرعت قراءتي فانفتح علي فِي الوقت أغراض ذَلِكَ الكتاب بسبب أنه قَدْ صار لي عَلَى ظهر القلب وفرحت بذلك وتصدقت ثاني يومه بشيء كثير عَلَى الفقراء شكراً لله تعالى وَكَانَ سلطان بخاري فِي ذَلِكَ الوقت نوح بن منصور واتفق لَهُ مرض حار فِيهِ الأطباء وَكَانَ اسمي اشتهر بينهم بالتوفر عَلَى القراءة فأجروا ذكرى بَيْنَ يديه وسألوه إحضاري فحضرت وشاركتهم فِي مداواته وتوسمت بخدمته فسألته يوماً الإذن لي فِي دخول دار كتبهم ومطالعتها وقراءة مَا فِيهَا من كتب الطب فأذن لي فدخلت داراً ذات بيوت كثيرة فِي كل بيت صناديق كتب منضدة بعضها عَلَى بعض فِي بيت كتب العربية والشعر وَفِي آخر الفقه وكذلك فِي كل بيت كتب علم مفرد وطالعت فهرست كتب الأوائل وطلبت مَا احتجت إِلَيْهِ ورأت من الكتب مَا لا يقع اسمه إِلَى كثير من الناس قط ولا رأيته قط ولا رأيته أيضاً من بعد قرأت تِلْكَ الكتب وظهرت فوائدها وعرفت مرتبة كل رجل فِي علمه فلما بلغت ثمان عشرة سنة من عمري فرفعت من هَذِهِ العلوم كلها وكتب وكنت إذ ذَاكَ للعلم أحفظ ولكنه اليوم معي أنضج وإلا فالعلم واحد لَمْ يتجدد لي بعده شيء وَكَانَ فِي جواري رجل سيقال لَهُ أبو الحس الروضي فسألني أن أؤلف لَهُ كتاباً جامعاً فِي هَذَا العلم فصنفت لَهُ المجموع وسميته بِهِ وأتيت فِيهِ عَلَى سائر العلوم سوى الرياضي ولي إذ ذَاكَ إحدى وعشرون سنة من عمري وَكَانَ فِي جواري أيضاً رجل يقال لَهُ أبو بكر البرقي خوارزمي المولد فقيه النفس متوحد فِي الفقه والتفسير والزهد مائل إِلَى هَذِهِ العلوم فسألني شرح الكتب لَهُ فصنفت لَهُ. كتاب الحاصل والمحصول فِي قريب من عشرين مجلدة وصنفت لَهُ فِي الأخلاق كتاباً سميته. كتاب البر والإثم وهذان الكتابان لا يوجدان إِلاَّ عنده فلم يعرفهما أحد ينتسخ منهما ثُمَّ مات والدي وتصوفت فِي الأحوال وتقلدت شيئاً من أعمال السلطان ودعتني الضرورة إِلَى الارتحال عن بخارى والانتقال إِلَى كركاتج وَكَانَ أبو الحسين السهلي النحب لهذه العلوم بِهَا وزيراً وقدمت إِلَى الأمير بِهَا وهو عَلي بن المأمون وكنت عَلَى زي الفقهاء إذ ذَاكَ بطليسان وتحت الحك وأثبتوا إِلَى مشاهرة دارة تقوم بكفاية مثلي ثُمَّ دعت الضرورة إِلَى الانتقال إِلَى فسا ومنها إِلَى بارود ومنها إِلَى طوس ومنها إِلَى شقان ومنها إِلَى سمنقال ومنها إِلَى جاجرم رأس حد خراسان ومنها إِلَى جرجان وكل قصدي الأمير قابوس فاتفق فِي أثناء هَذَا أخذ قابوس وحبسه فِي بعض القلاع وموته هناك ثُمَّ مضيت إِلَى دهستان ومرضت بِهَا مرضاً صعباً وعدت إِلَى جرجان واتصل أبو عبيد الجوزجاني بي وأنشأت فِي حالي قصيدة فِيهَا بيت القائل: ود بِهِ وآيست من نفسي وقلت هَذَا كتاب لا سبيل إِلَى فهمه وإذا أنا فِي يوم من الأيام حضرت وقت العصر فِي الوراقين وبيد دلال مجلد ينادى عَلَيْهِ فعرضه عَلَى فردته رد متبرم معتقد أن لا فائدة فِي هَذَا العلم فقال لي اشتر مني هَذَا فإنه رخيص أبيعكه بثلاثة دراهم وصاحبه محتاج إِلَى ثمنه فاشتريته فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي فِي أغراض كتاب مَا بعد الطبيعة فرجعت إِلَى بيتي وأسرعت قراءتي فانفتح علي فِي الوقت أغراض ذَلِكَ الكتاب بسبب أنه قَدْ صار لي عَلَى ظهر القلب وفرحت بذلك وتصدقت ثاني يومه بشيء كثير عَلَى الفقراء شكراً لله تعالى وَكَانَ سلطان بخاري فِي ذَلِكَ الوقت نوح بن منصور واتفق لَهُ مرض حار فِيهِ الأطباء وَكَانَ اسمي اشتهر بينهم بالتوفر عَلَى القراءة فأجروا ذكرى بَيْنَ يديه وسألوه إحضاري فحضرت وشاركتهم فِي مداواته وتوسمت بخدمته فسألته يوماً الإذن لي فِي دخول دار كتبهم ومطالعتها وقراءة مَا فِيهَا من كتب الطب فأذن لي فدخلت داراً ذات بيوت كثيرة فِي كل بيت صناديق كتب منضدة بعضها عَلَى بعض فِي بيت كتب العربية والشعر وَفِي آخر الفقه وكذلك فِي كل بيت