بالخوارزمي قال حدثني يحيى بن أبي منصور قال دخلت إِلَى المأمون وعنده جماعة من المنجمين وعنده رجل يدعي النبوة وَقَدْ دعا لَهُ المأمون بالعصا وَلَمْ تحضر بعد ونحن لا نعلم فقال لي ولمن حضر من المنجمين اذهبوا وخذوا الطالع لدعوى رجل فِي شيء يدعيه وعرفوني مَا يدل عَلَيْهِ الفلك من صدقه وكذبه وَلَمْ يعلمنا المأمون أنه متنبئ قال فجئنا إِلَى بعض تِلْكَ الصحون فأحكمنا أمر الطالع وصورنا موضع الشمس والقمر فِي دقيقة واحدة وسهم السعادة وسهم الغيب فِي دقيقة واحدة مع دقيقة الطالع والطالع الجدي والمشتري فِي السنبلة ينظر إِلَيْهِ والزهرة وعطارد فِي العقرب ينظران إِلَيْهِ فقال كل من حضر من القوم مَا يدعيه صحيح وأنا ساكت فقال لي المأمون مَا قلت أنت فقلت هو فِي طلب تصحيحه وَلَهُ حجة زهرية عطاردية وتصحيح الَّذِي يدعيه لا يتم لَهُ ولا ينتظم فقال لي من أَيْنَ قلت قلت لأن صحة الدعاوي من المشتري ومن تثليث الشمس وتسديسها إِذَا كَانَتْ الشمس غير منحوسة وهذا الطالع يخالفه لأنه هبوط المشتري والمشتري ينظر إِلَيْهِ نظر موافقة إِلاَّ أنه كاره لهذا البرج والبرج كاره لَهُ فلا يتم التصديق والتصحيح والذي قال من حجة عطاردية زهرية إنما هو ضرب من التخمين والتزويق والخداع يتعجب منه ويستحب فقال لي المأمون أنت لله درك ثُمَّ قال أتدرون من الرجل قلنا لا قال هَذَا يدعي النبوة فقلت يَا أمير المؤمنين أمعه شيء يحتج بِهِ فسأله فقال نعم معي خاتم ذو فصين ألبسه فلا يتغير مني شيء يحتج بِهِ ويلبسه غيري فيضحك ولا يتمالك من الضحك حَتَّى ينزعه ومعي قلم شامي آخذه وأكتب بِهِ ويأخذه غيري فلا ينطلق أصبعه فقلت يَا سيدي هَذِهِ الزهرة وعطارد قَدْ عملا عملهما فأمره المأمون فعمل مَا ادعاه فقلنا هَذَا ضرب من الطلسمات فما زال بِهِ المأمون أياماً كثيرة حَتَّى أقر وتبرأ من دعوى النبوة ووصف الحيلة الَّتِي احتالها فِي الخاتم والقلم فوهب لَهُ ألف دينار فلقيناه بعد ذَلِكَ فإذا هو أعلم الناس بعلم التنجيم وهو من كبراء أصحاب عبد الله بن السري.
قال أبو معشر وهو الَّذِي عمل طلسم الخنافس فِي دور كثيرة من دور بغداد قال أبو لو كنت مكان القوم لقلت أشياء ذهبت عليهم كنت أقول الدعوى باطلة لأن البرج منقلب والمشتري فِي الوبال والقمر فِي المحاق والكوكبان الناظران فِي برج كذاب وهو العقرب.