يوماً عن الموز فقال مَا رأيت لَهُ ذكوراً فِي كتب الأوائل وَمَا كَانَتْ هَذِهِ حالة لا أقدم عَلَى أكله ولا عَلَى إطعامه للناس وَكَانَ المأمون يكرمه غاية الإكرام ولا يشرب دواء إلا من تركيبة وإصلاحه وَكَانَ جميع المتطبين بمدينة السلام يجلونه تيبيلا لَمْ يكونوا يظهرونه لغيره.
وحكى ميخائيل بن ماسويه قال لما قدم المأمون بغداد نادم طاهر بن الحسين فقال لَهُ يوماً وبيم أيديهم نبيذ قطربل يَا أبا الطيب هل رأيت مثل هَذَا الشراب قال نعم قال أين قال ببوشنج قال فاحمل إلينا منه فكتب طاهر إلى وكيله فحمل منه ورفع صاحب الخبر بالنهروان إلى المأمون إن لطفاً وافي طاهراً من بوشنج فعلم الخبر وتوقع حمل طاهر لَهُ فلم يفعل فقال لَهُ المأمون بعد أيام يَا أبا الطيب لَمْ يواف النبيذ فيما وافى فقال أعيذ أمير المؤمنين بالله أن يقيمني مقام خزي فضيحة قال وَلَمْ قال ذكرت لأمير المؤمنين شراباً شربته وأنا صعلوك وَفِي قرية كنت أتمنى أن أملكها فلما ملكني أمير المؤمنين أكثر مما كنت أتمنى وحضر ذَلِكَ الشراب وجدته فضيحة من الفضائح قال فاحمل فأمر أن يصير فِي الخزانة ويكتب عَلَيْهِ الطاهري ليمازحه بِهِ من افراط رائته وأقام سنين واحتاج المأمون إلى أن يتقيأ بنبذ رديء فقال بعضهم لا يصاب بالعراق أردأ من الطاهري فأخرج فوجد مثب القطربلي أو أجود إذا هواء العرق قَدْ أصلحه كما يصلح مَا نبت وعصر فِيهِ المبارك بن شرارة أبو الخير الطبيب الكاتب الحلبي هَذَا رجل كاتب طبيب من أهل حلب نصراني يعرف من الطب أوائله وَلَمْ يكن لَهُ يد فِي علم المنطق وَكَانَ ارتزاقه بطريق الكتابة وَلَهُ جرائد مشهورة بحلب عند أهلها يحفظونها لأجل الخراج المستقر عَلَى الضياع وَكَانَ قوي الصنعة فِي علم الكتابة وتعرف جرائده بالجرائد الحكميات وإذا اختلف النواب فِي شيء من هَذَا النوع رجعوا إليها وَكَانَ هَذَا أبو الخير قَدْ اجتمع بابن بطلان الطبيب عند ورود إلى حلب وجرت بينهما مذاكرات أدت إلى المنافرة وقدم ذكرها فِي ترجمة ابن بطلان وَلَمْ يزل ابن شرارة هَذَا مقيماً بحلب يتقلب فِي صناعته إلى أن دخلت