للقدماء والمتأخرين وَلَمْ يشتمل عَلَيْهَا كتاب أحد من السالفين والسابقين.
عبد الودود الطبيب الأندلسي ولد فِي بلنسية وهاجر إِلَى العراق وخراسان وعرف عند السلاطين فِي عصر السلطان محمد بن ملكشاه وهو الَّذِي يقول فِيهِ بعض أهل العصر وَقَدْ ضمن شعره شيئاً من شعر المتنبي:
عبد الودود طبيب طبه حسن ... أحيا وأيسر مَا قاسيت مَا قتلا
لولا تطببه فينا لما وجدت ... لَهَا المنايا إِلَى أرواحنا سبلا
عبد السلام بن عبد القادر بن أبي صالح جنكي دوست بن أبي عبد الله الجيلي البغدادي المدعو باركن من بيت تصوف وتعبد وخبره مشهور مذكور وَكَانَ عبد السلام هَذَا قَدْ قرأ علوم الأوائل وأجادها واقتنى كتباً كثيرة فِي هَذَا النوع واشتهر بهذا الشأن شهرة تامة وَلَهُ تقدم فِي الدولة الإمامية الناصرية وحصل لَهُ بتقدمه حسد من أرباب الشر فثلبه أحدهم بأنه معطل وانه يرجع إِلَى أقوال أهل الفلسفة فِي قواعد هَذَا الشأن فأوقعت الحفظة عَلَيْهِ وَعَلَى كتبه فوجد فِيهَا الكثير من علوم القوم وبرزت الأوامر الناصرية بإخراجها إِلَى موضع ببغداد يعرف بالرحبة وأن تحرق بحضور الجمع الجم منها ففعل ذَلِكَ وأحضر لَهَا عبيد الله التيمي البكري المعروف بابن المارستانية وجعل لَهُ منبر صعد عَلَيْهِ وخطب خطبة لعن فِيهَا الفلاسفة ومن يقول بقولهم وذكر الركن عبد السلام هَذَا بشر وَكَانَ يخرج الكتب الَّتِي لَهُ كتاباً كتاباً فيتكلم عَلَيْهِ ويبالغ فِي ذمه وذم مصنفه ثُمَّ يلقيه من يده لمن يلقيه فِي النار.
اخبرني الحكيم يوسف السبتي الإسرائيلي قال كنت ببغداد يومئذ تاجراً فحضرت المحفل وسمعت كلام ابن المارستانية وشاهدت فِي يده كتاب الهيئة لابن الهيثم وهو يشير إِلَى الدائرة الَّتِي مثل بِهَا الفلك وهو يقول وهذه الداهية والداهية والنازلة الصماء والمصيبة العمياء وبعد تمام كلامه خرقها وألقاها إِلَى النار قال فاستدللت عَلَى جهله وتعصبه إذ لَمْ يكن فِي الهيئة كفر وإنما هي طريق إِلَى الإيمان ومعرفة قدرة الله