الْمَهْدِيِّ حَتَّى يَعْزِلَ عَنْهُمُ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ عَلَى أَرْزَاقِهِمْ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالزَّمْنِيُّ عَلَى بَابِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِي، فَبَكَوْا وَسَأَلُوهُ، فَرَقَّ الشَّيْخُ فَدَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: مَا عَلِمْتُ، يُوَلُّون عَلَيْهِمْ أَيَّ رَجُلٍ أَرَادُوا، وَأَمَرَ بِعَزْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِأَرْزَاقٍ، قَالَ: وَأَكْرَمَ أَبَا جَعْفَرٍ وَرَفَعَ مَجْلِسَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ أَلْفًا، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، فَدُفِعَتْ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ مَعَهُ، فَقَالُوا لأَبِي جَعْفَرٍ: مَا نَصْنَعُ بِهَذَا الْمَالِ، فَقَالَ: لا يَمُدَنَّ أَحَدٌ يَدَهُ إِلَيْكُمْ إِلا أَعْطَيْتُمُوهُ، قَالَ: فَقَسَمَ الثَّلاثِينَ أَلْفًا.
قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ الْكُوفَةَ، قَالَ: وَبَلَغَ سُفْيَانَ، قَالَ: وَكَانَ سُفْيَانُ يَتَلَقَّى أَبَا جَعْفَرٍ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ بِالْقَنَاطِرِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ شَيَّعَهُ إِلَى النَّجَفِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبُو جَعْفَرٍ الْقَنَاطِرَ لَمْ يَرَ سُفْيَانَ، قَالَ: فَاغْتَمَّ.
قَالَ مِهْرَانُ: فَإِنِّي لَعِنْدَ سُفْيَانَ قَاعِدٌ إِذْ جَاءَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ فَسَلَّمَ عَلَى سُفْيَانَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَنَكَسَ سُفْيَانُ رَأْسَهُ إِلَى الأَرْضِ وَمَا كَلَّمَهُ، قَالَ: فَقَامَ سُفْيَانُ مُغْضَبًا يَجُرُّ كِسَاءَهُ، حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ.
قَالَ: وَمَضَى أَبُو جَعْفَرٍ فَكَتَبَ كِتَابًا، أَوْ قَالَ: رُقْعَةً يَعْتَذِرُ فِيهَا قَالَ مِهْرَانُ: فَدَفَعَهَا إِلَيَّ، فَأَتَيْتُ بِهَا سُفْيَانَ فَلامَنِي، وَقَالَ لِي: مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ كِتَابَهُ؟ قَالَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ رَجُلٌ جَارٌ لِي وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِي، قَالَ: فَأَخَذَ سُفْيَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ، ثُمَّ دَعَا بِدَوَاةٍ، فَكَتَبَ فِي أَسْفَلِ الْكِتَابِ جَوَابَهُ، فَإِذَا فِيهِ: