ابن علي الكوفي وابن مقاتل بميل وحقد، وكان الكوفي عقد على المادراني كلاماً كلمه قبل هذا بمديدة بحضرة أبي إسحاق قال فيه ما شهره الناس من وضع منه وإزراء عليه، فصح عند ناصر الدولة إن المادراني ما ظلم أحداً قط في معاملة، ولا ارتفق من عمل ولا عامل فانصرف إلى بيته موقوراً بعد توكيل ومناظرة ومطالبة. وقد ذكرنا أنه خلع على أحمد بن عبد الله الأصهباني للوزارة برأي الكوفي، لأنه كان مستتراً عنده، وأرزق مائتي دينار في الشهر، وكانت الخلع عليه يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب. وأغرى ابن مقاتل العمال بالناس، فأجروا معهم كل ظلم، وأراد فتح الخراج قبل وقته فضج الناس. فنودي بتأخير الافتتاح إلى النوروز المعتضدى ورفع الجور وإزالة الظلم فتنفس الناس قليلاً وما وقع وفاء بذلك.
وكان ناصر الدولة يحمل في كل شهرين خمسمائة ألف دينار لاستحقاق من بواسط، وكان يضجره ذلك فيتكلم ويضج، وعقد عليه بما يتكلم به، إلى أن تحدث الناس أن يرصد بحيلة توقع عليه، فيا ليت ما كان يضر من تبرم رجل يحمل في كل شهرين هذا المال الجليل، ما الذي أريد منه حتى أو حشوه فخرج؟ وكان من أول ذلك أن المتقي لله ما أحب القبض على وزيره أبي إسحاق ولا أراده، فأرضوه بأن أقاموا مكانه كاتبه على ضياعه أبا العباس الأصبهاني، وأنفذ سيف الدولة من واسط في هذا الوقت جماعة من الديلم إلى بغداد، كان اتهمهم وخافهم.