أبو جعفر [1] وأبو العباس، فدخل يوما [78 أ] على هشام بن عبد الملك، ووافق ذلك دخول ابن رأس الجالوت عليه، وكان يهوديا، وكان محمد أصبح الناس وجها، وكان هشام صبيحا ما أغضى، فإذا رفع رأسه احولّت عيناه، فنظر هشام إلى ابن رأس الجالوت، وقد أحدّ نحو محمد بصره، فقال:

ما لك تنظر إليه؟ قال: خير، من هذا؟ قال: هذا من أهل نبيّنا صلى الله عليه وسلّم. قال: هذا أقرب بالنبيّ صلى الله عليه وسلّم؟ فوقع هشام في لطخة [2] كرهها ولم يكذب نفسه، قال: بأب. قال: لئن كنت صادقا لهو أولى بصدر مجلسك منك، إنّ بيني وبين الأب الّذي تكرمني اليهود به [3] لأربعين أبا [4] . فغضب هشام عليه، وأقامه، وأقبل عليه الحاجب، وهو يخرجه، فقال: ما آمنك أن يأمرني أمير المؤمنين فأضرب عنقك. قال:

فيكون ماذا أكثر من أن يقول الناس: يهودي قام بكلمة حقّ عند الخليفة فقتله. وتنكّر هشام لمحمد فقال محمد: والله يا أمير المؤمنين، ما تكلّمت ولا أجبت [5] ، ولأنت كلّمته فأجابك، فأمر له بألف دينار، فشخص من عنده، فلما كان بالرّقة أقبل على ابنيه فقال: أحدكما يبني هذه المدينة، قالا: فينزلها؟ قال: لا، ولا يتمّها ولكن يأتي من ولده من يتمّها، قالا [6] : فينزلها؟ قال: لا بل يتمها ولده وينزلها، قيل له: ثم مه! قال فعضّ على [78 ب] يده ثم قال: ثم مه، ثم مه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015