وعن علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال: تقدم إلي في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وأنا أتقلد القضاء بالأهواز في مجلس حكم، رجلان، ادعى أحدهما على الآخر دعوى، فسألته عنها فأنكرها، فطالبت المدعي ببينة فعدمها، وطلب استحلاف الخصم فقتل له: أتحلف؟ فقال: ليس له علي شيء كيف أحلف، ولو كان له علي شيء لحلفت له وأكرمته.
وعن ثمامة بن أشرس قال: شهدت رجلاً وقد قدم خصماً له إلى بعض الولاة فقال: أصلحك الله، أنا رافضي ناصبي، وخصمي جهمي مشبه مجسم قدري، يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي بن أبي سفيان ويلعن معاوية بن أبي طالب؛ فقال له الوالي: ما أدري مم أتعجب، من علمك بالأنساب أم من معرفتك الألقاب، قال: أصلحك الله، ما خرجت من الكتاب حتى تعلمت هذا كله.
وعن محمد بن المبرد، عن الحسن بن رجاء، أن الرشيد لما غضب على ثمامة دفعه إلى سلام الأبرش، وأمره أن يضيق عليه، وأن يدخله بيتاً ويطين عليه ويترك فيه ثقباً، ففعل دون ذلك، وكان يدس إليه الطعام، فجلس سلام عشية وهو يقرأ في المصحف، فقرأ ويل يومئذ للمكذبون فقال ثمامة: إنما هو المكذبين، وجعل يشرح ويقول: المكذبون هم الرسل، والمكذبين هم الكفار، فقال: قد قيل لي: إنك زنديق ولم أقبل، ثم ضيق عليه أشد الضيق، قال: ثم رضي الرشيد عن ثمامة فجالسه، فقال: أخبروني عن أسوأ الناس حالاً، فقال كل واحدٍ شيئاً، قال ثمامة: وبلغ القول إلي، فقلت: يا أمير المؤمنين، عاقل يجري على حكم جاهل؟ فتبينت الغضب في وجهه فقلت: يا أمير المؤمنين ما أحسبني وقعت بحيث أردت، قال: لا والله، فانشرح، فحدثته بحديث سلام، فضحك حتى استلقى وقال: صدقت، والله لقد كنت أسوأ الناس حالاً.