يدعو إلى التحسس والتحسن وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولاتدابروا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا (?)
وَالتَّجَسُّسُ فِي تَطَلُّعِ الْأَخْبَارِ وَالتَّحَسُّسُ بِالْمُرَاقَبَةِ بِالْعَيْنِ
فَسَتْرُ الْعُيُوبِ وَالتَّجَاهُلُ والتغافل عنها شيمة أهل الدين
ويكفيك تنبيهاً على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وستر القبيح
والمرضي عند الله من تخلق بأخلاقه فإنه ستار العيوب وغفار الذنوب ومتجاوز عن العبيد فكيف لا تتجاوز أنت عمن هو مثلك أو فوقك وما هو بكل حال عبدك ولا مخلوقك وقد قال عيسى عليه السلام للحواريين كيف تصنعون إذا رأيتم أخاكم نائماً وقد كشف الريح ثوبه عنه قالوا نستره ونغطيه قال بل تكشفون عورته قالوا سبحان الله من يفعل هذا فقال أحدكم يسمع بالكلمة في أخيه فيزيد عليها ويشيعها بأعظم منها وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إِيمَانُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الْأُخُوَّةِ أَنْ يُعَامِلَ أَخَاهُ بِمَا يُحِبُّ أن يعامله به ولا شك أنه ينتظر منه ستر العورة والسكوت على المساوي والعيوب ولو ظهر له منه نقيض ما ينتظره اشتد عليه غيظه وغضبه فما أبعده إذا كان ينتظر منه ما لا يضمره له ولا يعزم عليه لأجله وويل له في نص كتاب الله تعالى حيث قال وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وكل من يلتمس من الإنصاف أكثر مما تسمح به نفسه فهو داخل تحت مقتضى هذه الآية
وَمَنْشَأُ التَّقْصِيرِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوِ السَّعْيِ في كشفها الداء الدفين في الباطن وهو الحقد والحسن فإن الحقود الحسود يملأ باطنه بالخبث ولكن يحبسه في باطنه ويخفيه ولا يبديه مهما لم يجد له مجالا وإذا وجد فرصة انحلت الرابطة وارتفع الحياء ويترشح الباطن بخبثه الدفين
ومهما انطوى الباطن على حقد وحسد فالانقطاع أولى قال بعض الحكماء ظاهر العتاب خير من مكنون الحقد ولا يزيد لطف الحقود إلا وحشة منه وَمَنْ فِي قَلْبِهِ سَخِيمَةٌ عَلَى مُسْلِمٍ فَإِيمَانُهُ ضعيف وأمره مُخْطِرٌ وَقَلْبُهُ خَبِيثٌ لَا يَصْلُحُ لِلِقَاءِ اللَّهِ
وقد روى عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه أنه قال كنت باليمن ولي جار يهودي يخبرني عن التوراة فقدم علي اليهودي من سفر فقلت إن الله قد بعث فينا نبياً فدعانا إلى الإسلام فأسلمنا وقد أنزل علينا كتاباً مصدقاً للتوراة فقال اليهودي صدقت ولكنكم لا تستطيعون أن تقوموا بما جاءكم به إنا نجد نعته ونعت أمته في التوراة إنه لا يحل لامريء أن يخرج من عتبة بابه وفي قلبه سخيمة على أخيه المسلم
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ إِفْشَاءِ سِرِّهِ الَّذِي اسْتَوْدَعَهُ وَلَهُ أَنْ يُنْكِرَهُ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَلَيْسَ الصِّدْقُ وَاجِبًا فِي كُلِّ مَقَامٍ فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخْفِيَ عُيُوبَ نَفْسِهِ وَأَسْرَارَهُ وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى الْكَذِبِ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّ أَخَاهُ نَازِلٌ مَنْزِلَتَهُ وَهُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ لَا يختلفان إلا بالبدن
هذه حقيقة الأخوة وكذلك لا يكون بالعمل بين يديه مرائياً وخارجاً عن أعمال السر إلى أعمال العلانية فإن معرفة أخيه بعمله كمعرفته بنفسه من غير فرق وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ 4 أخيه ستره الله تعالى في الدنيا الآخرة (?)
وفي خبر آخر فكأنما أحيا موءودة (?)
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهُوَ أَمَانَةٌ (?)
وَقَالَ الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ