بِإِسْلَامِهِمْ طَرْدًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَإِنَّ مَنِ انْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ قَامَتْ أُمُّهُ مَقَامَ أَبِيهِ فِي التَّعْصِيبِ، وَلِهَذَا تَكُونُ أُمُّهُ وَعَصَبَاتُهَا عَصَبَةً لَهُ، يَرِثُونَ مِنْهُ كَمَا يَرِثُ الْأَبُ وَعَصَبَاتُهُ، لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَيَلْزَمُهُمْ عَلَى هَذَا أَنْ يَحْكُمُوا بِإِسْلَامِ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إِذَا لَاعَنَ عَلَيْهِ، لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَهَذَا لَا نَعْلَمُ قَائِلَهُ مِنَ السَّلَفِ.
وَأَمَّا إِذَا اخْتَلَطَ أَوْلَادُ الذِّمَّةِ بِأَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فِي دَارٍ، وَلَهُمَا أَوْلَادٌ، فَلَمْ يُعْرَفْ وَلَدُ النَّصْرَانِيِّ مِنْ وَلَدِ الْمُسْلِمِ؟ قَالَ: " يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ ".
أَحْمَدُ حَكَمَ بِإِسْلَامِ الْأَوْلَادِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ مُسْلِمٌ قَطْعًا، وَقَدِ اشْتَبَهَ بِالْكَافِرِ فَغَلَبَ جَانِبُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ مَنِ انْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ، إِذْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ مَنْ يَغْلِبُ لِأَجْلِهِ الْإِسْلَامُ، بَلْ وَلَا شُبْهَةَ إِسْلَامٍ.
169 - فَصْلٌ
[مَتَى يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ] .
وَنَحْنُ نَذْكُرُ قَاعِدَةً فِيمَا يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ، وَمَا لَا يَقْتَضِيهِ،