قُلْتُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَنْ يَتَمَسَّكُ بِهَذِهِ الْكُتُبِ، وَيَكْفُرُ بِالتَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ أَلْبَتَّةَ، فَهَذَا الْقِسْمُ مُقَدَّرٌ لَا وُجُودَ لَهُ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَدَّقَ بِهَذِهِ الْكُتُبِ، وَتَمَسَّكَ بِهَا فَهُوَ مُصَدِّقٌ بِالْكِتَابَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلِهَذَا لَمْ يُخَاطِبْهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ بِخُصُوصِهِمْ، بَلْ خَاطَبَهُمْ مَعَ جُمْلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الْكِتَابَ عَامٌّ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] ، فَعُرِفَ الْقُرْآنُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فِي الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ خَاصَّةً، وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْفُقَهَاءِ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ.
157 - فَصْلٌ
[نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ مَعَ كَثْرَةِ النِّسَاءِ] .
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَقَدْ سَأَلَهُ: هَلْ يَنْكِحُ الْيَوْمَ الرَّجُلُ - مَعَ كَثْرَةِ النِّسَاءِ - مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ رَخَّصَ لَنَا فِي ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: يُزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِهِ، قِيلَ لَهُ: وَثَلَاثٌ، قَالَ: وَثَلَاثٌ، قِيلَ لَهُ: وَأَرْبَعٌ، قَالَ: وَأَرْبَعٌ، وَذَكَرَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ.