هل هناك من أهل العلم من يرى حرمة هجر الكافر أو المرتد أو المنافق إيجابياً؟

لا , لا يوجد أحد من أهل العلم يرى حرمة هجر الكافر أو المرتد بل للمسلم هجر الكافر من غير تقييد باستثناء الوالدين غير المحاربين وهذا على حد علمي والله أعلم.

هل المصلحة الشرعية معتبرة في الهجر الإيجابي؟

هل المصلحة الشرعية معتبرة في الهجر الإيجابي أم أن الهجر يكون على إطلاقه؟

لاشك أن المصلحة الشرعية معتبرة في الهجر الإيجابي , والذي يدلك على هذا أن الذين وقعوا في بعض المعاصي في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كانوا يُهجرون بالكلية من جميع الناس، بل كان الناس منقسمين فيهم إلى ثلاثة أقسام:

1 - فقسم يغلظ القول عليهم ويظهر البغض لهم ويهجرهم إيجابياً.

2 - وقسم يعرض عنهم إعراضاً جميلاً، ولا يتعرض لهم إلا بالنصح والتذكير أحيانًا.

3 - وقسم ينظر إليهم بعين العطف والرحمة، ولا يؤثر المقاطعة والتباعد عنهم، إما طلبًا لإصلاحهم ونصحهم، أو خوفًا من زيادة انحرافهم وضلالهم، فهذه من دقائق الأحكام الشرعية التي تختلف فيها طرق السالكين، واجتهادات المجتهدين ويكون فيها عمل كل واحد بحسب ما تقتضيه حاله ووقته ونيته , ومن هذا الباب ما رواه ابن أبي حاتم أن عمر رضي الله عنه، افتقد رجلاً من أهل الشام من أهل البأس، فقال: ما فعل فلان بن فلان، فقالوا: يا أمير المؤمنين تتابع في هذا الشراب يعني الخمر، قال: فدعا عمر كاتبه، فقال: اكتب من عمر بن الخطاب، إلى فلان بن فلان سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، ثم قال: لأصحابه ادعوا الله لأخيكم أن يُقْبِل بقلبه ويتوب عليه، فلما بلغ الرجل الكتاب جعل يقرؤه ويردده ويقول: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي. زاد أبو نعيم: فلما بلغ عمر خبره، قال: هكذا اصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل زلة فسددوه ووثقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه.

وفي هذا الباب يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم، وضعفهم، وقلتهم، وكثرتهم؛: فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف ... انتهى).

وقال - رحمه الله -في موضع آخر:

(وأما هجر التعزير فمثل هجر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابَه الثلاثة الذين خُلِّفوا، وهجر عمر والمسلمين لصبيغ، فهذا من نوع العقوبات، فإذا كان يحصل بهذا الهجر حصول معروف أو اندفاع منكر: فهي [يعني: عقوبة الهجر] مشروعة، وإن كان يحصل بها من الفساد ما يزيد على فساد الذنب، فليست مشروعة.) " مجموع الفتاوى ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015