القول الثاني: لا يشترط إذن الدائن في الخروج للجهاد إذا حل عليه الدين وهو معسر، وبهذا قال المالكية (?) والشافعية على الصحيح (?) .
ويمكن أن يستدل لهم بما يلي:
1- قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .
وجه الدلالة من الآية: أن الله سبحانه وتعالى أمر بإنظار المعسر وهي عامة في جميع الناس، فكل من أعسر أنظر (?) والمجاهد المعسر بدين حال من جملة الناس فينظر ولا يمنعه ذلك من الخروج للجهاد.
ونوقش هذا الدليل: بأن الجهاد يقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق بفواتها (?) بخلاف إنظار المعسر إلى حين الميسرة في حال الأمن، فليس فيه فوات للحق.
2- واستدلوا كذلك بأن المعسر لا تتوجه له المطالبة بالدين في الحال (?) .
ويمكن مناقشته بما نوقش به الدليل السابق.
الترجيح
الذي يظهر رجحان القول الأول الذي يشترط إذن الدائن في خروج المجاهد للجهاد إذا كان معسرا، والدين حالا عليه، والجهاد في حقه غير متعين، لما سبق من حديث أبي قتادة، وأن الدين لا يكفره شيء حتى الشهادة في سبيل الله، ولأنه بخروجه للجهاد يعرض نفسه للخطر فيفوت الحق بفوات نفسه، والله أعلم.