فإن أذن له الموكل في ذلك أو دلت القرينة أو العرف عليه فعله، وإلا سلمها للموكل كاملة وهو الذي يقوم بتوزيعها.
ويحرم أن يبيع شيئا منها من لحم أو شحم أو دهن أو جلد أو غيره؛ لأنها مال أخرجه لله فلا يجوز الرجوع فيه كالصدقة، ولا يعطي الجازر شيئا منها في مقابلة أجرته أو بعضها؛ لأن ذلك بمعنى البيع.
فأما من أهدي له شيء منها أو تصدق به عليه فله أن يتصرف فيه بما شاء من بيع وغيره؛ لأنه ملكه ملكا تاما فجاز له التصرف فيه، وفي ((الصحيحين)) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيته فدعا بطعام فأتي بخبز وأدم من أدم البيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألم أر البرمة فيها لحم؟)) قالوا: بلى، ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة، قال ((عليها صدقة ولنا هدية)) وفي لفظ البخاري: ((ولكنه لحم تصدق به على بريرة فأهدته لنا)) ولمسلم: ((هو عليها صدقة، وهو منها لنا هدية)) (?) .
لكن لا يشتريه من أهداه أو تصدق به؛ لأنه نوع من الرجوع في الهبة والصدقة، وفي ((الصحيحين)) عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه منه وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ((لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه)) (?)
فإن عاد إلى من أهداه أو تصدق به بإرث مثل أن يهدي إلى قريب له أو يتصدق عليه ثم يموت فيرثه من أهداه أو تصدق به، فإنه يعود إليه ملكا تاما يتصرف فيه كما شاء على وجه مباح؛ لما رواه مسلم عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، (1620) إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وجب أجرك وردها عليك الميراث)) (?) .