ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث. رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في الوظائف وقال: حديث حسن؛ ولأنه قول ابن مسعود وابن عمر، ولم نعرف لهما مخالفا في الصحابة فكان إجماع. اهـ.

والقول القديم للشافعي يأكل النصف، ويتصدق بالنصف؛ لقوله تعالى: (ِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج: من الآية28) فجعلها بين اثنين فدل على أنها بينهما نصفين قال في ((المغني)) : والأمر في ذلك واسع، فلو تصدق بها كلها أو بأكثرها جاز، وإن أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز. وقال أصحاب الشافعي: يجوز أكلها كلها. أه.

وما ذكرناه من الأكل والإهداء؛ فعلى سبيل الاستحباب لا الوجوب، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل منها، ومنع الصدقة بجميعها لظاهر الآية والأحاديث، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في حجة الوداع من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها. رواه مسلم من حديث جابر (?) .

ويجوز ادخار ما يجوز أكله منها؛ لأن النهي عن الادخار منها فوق ثلاث منسوخ على قول الجمهور، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: بل حكمه باق عند وجود سببه وهو المجاعة؛ لحديث سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء)) ، فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله، نفعل كما فعلنا في العام الماضي، فقال صلى الله عليه وسلم: ((كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان الناس في جهد فأردت أن تعينوا فيها)) . متفق عليه (?) . فإذا كان في الناس مجاعة زمن الأضحى؛ حرم الادخار فوق ثلاث وإلا فلا بأس به.

ولا فرق فيما سبق من الأكل والصدقة والإهداء من لحوم الأضاحي بين الأضحية الواجبة والتطوع، ولا بين الأضحية عن الميت أو الحي، ولا بين الأضحية التي ذبحها من عنده أو التي ذبحها لغيره بوصية، فإن الموصى إليه يقوم مقام الموصي في الأكل والإهداء والصدقة، فأما الوكيل عن الحي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015