وفي صحيح البخاري أن عائشة رضي الله عنه سئلت: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الأضاحي أن تؤكل فوق ثلاث؟ فقالت: ما فعله إلا عام جاع الناس فيه فأراد أن يطعم الغني الفقير (?) .

ويدل على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها: أن العلماء اختلفوا في وجوبها، وأن القائلين بأنها سنة صرح أكثرهم أو كثير منهم بأنه يكره تركها للقادر، وبعضهم صرح بأنه يقاتل أهل بلد تركوها، ولم نعلم أن مثل ذلك حصل في مجرد الصدقة المسنونة.

ويدل على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها: أن الناس لو عدلوا عنه إلى الصدقة؛ لتعطلت شعيرة عظيمة نوه الله عليها في كتابه في عدة آيات، وفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلها المسلمون، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة المسلمين.

قال شيخ الإسلام ابن تيميه: فكيف يجوز أن المسلمين كلهم يتركون هذا لا يفعله أحد منهم، وترك المسلمين كلهم هذا أعظم من ترك الحج في بعض السنين، كذا قال.

قال: وقد قالوا إن الحج كل عام فرض على الكفاية؛ لأنه من شعائر الإسلام، والضحايا في عيد النحر كذلك، بل هذه تفعل في كل بلد هي والصلاة، فيظهر بها من عبادة الله وذكره والذبح له والنسك له ما لا يظهر بالحج كما يظهر ذكر الله بالتكبير في الأعياد. اهـ. .

والأصل في الأضحية أنها للحي كما كان النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم خلافا لما يظنه بعض العامة أنها للأموات فقط.

وأما الأضحية عن الأموات؛ فهي ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن تكون تبعا للأحياء، كما لو ضحى الإنسان عن نفسه وأهله وفيهم أموات، فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يضحي ويقول: ((اللهم هذا عن محمد وعن آل محمد)) (?) وفيهم من مات سابقا.

القسم الثاني: أن يضحي عن الميت استقلالا تبرعا، مثل: أن يتبرع لشخص ميت مسلم بأضحية، فقد نص فقهاء الحنابلة على أن ذلك من الخير، وأن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به؛ قياسا على الصدقة عنه، ولم ير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015