بعض العلماء أن يضحي أحد عن الميت إلا أن يوصي به. لكن من الخطأ ما يفعله بعض الناس اليوم يضحون عن الأموات تبرعا أو بمقتضى وصاياهم، ثم لا يضحون عن أنفسهم وأهليهم الأحياء، فيتركون ما جاءت به السنة، ويحرمون أنفسهم فضيلة الأضحية، وهذا من الجهل، وإلا فلو علموا بان السنة أن يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته فيشمل الأحياء والأموات، وفضل الله واسع.
القسم الثالث: أن يضحي عن الميت بموجب وصية منه تنفيذا لوصيته، فتنفذ كما أوصى بدون زيادة ولا نقص، والأصل في ذلك قوله تعالى في الوصية: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 181) . وروي عن على بن أبي طالب رضي الله عنه أنه ضحى بكبشين وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اوصاني أن أضحي عنه فأنا أضحي عنه. رواه أبو داود، ورواه بنحوه الترمذي وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك (?) . اهـ. قلت: وفي إسناده مقال.
وإذا كانت الوصية بأضاحي متعددة ولم يكف المغل لتنفيذها مثل أن يوصي شخص بأربع ضحايا: واحدة لأمه، وواحدة لأبيه وواحدة لأولاده، وواحد لأجداده وجداته، ولم يكف المغل إلا لواحدة فإن تبرع الوصي بتكميل الضحايا الأربع من عنده فنرجو أن يكون حسنا، وإن لم يتبرع جمع الجميع في أضحية واحدة كما لو ضحى عنهم في حياته.
وإن كانت الوصية في أضحية واحدة ولم يكف المغل لها فإن تبرع الوصي بتكميلها من عنده فنرجو أن يكون حسنا، وإن لم يتبرع أبقى المغل إلى السنة الثانية والثالثة حتى يكفي الأضحية فيضحي به، فإن كان المغل ضئيلا لا يكفي لأضحية إلا بعد سنوات يخشى من ضياعه في إبقائه إليها، أو من أن تزايد قيم الأضاحي فإن الوصي يتصدق بالمغل في عشر ذي الحجة ولا يبقيه؛ لأنه عرضة لتلفه، وربما تتزايد قيم الأضاحي كل عام، فلا يبلغ قيمة الأضحية مهما جمعه، فالصدقة به خير.