من أب أو جد أو وصي أوجب الشارع على القاضي أن يدير شئون أمواله بما يتفق ومصلحته بواسطة من يقيمهم من الوصاة أو القوام.
أسبابه: أسباب الحجر ستة
الصغر، والجنون، والعته، والسفه، والغفلة، والدين. والأسباب الثلاثة الأولى ترجع إلى فقد الأهلية أو نقصها. ولذا كان الحجر بها متفقا عليه بين الإمام وصاحبيه. أما الأسباب الثلاثة الأخيرة فلا ترجع إلى فقد الأهلية أو نقص فيها؛ لأن كلا من السفيه والمدين وذي الغفلة بالغ عاقل لا قصور في أهليته, وإنما عرض لهم ما يقتضي الحجر عليهم دفعا للضرر عنهم وعن الناس. ولكونهم لا قصور في أهليتهم لم يتفق الإمام وصاحباه على الحجر عليهم، فالإمام لا يرى الحجر عليهم، وصاحباه يريان الحجر عليهم.
استدل الإمام بأن الإنسان متى بلغ عاقلا رشيدا، فقد كملت أهليته, وكان له بمقتضى كمال أهليته حرية التصرف في ملكه، فالحجر عليه بمنعه من التصرف في ملكه فيه إضاعة لأهليته، وإهدار لآدميته، وإلحاق له بالعجماوات، وفاقدي الأهلية. ولا ينبغي إهدار آدمية الإنسان خوفا على ماله من الضياع؛ لأنه لا يرتكب الضرر الأعلى اتقاء للضرر الأدنى. فالإمام يحمي أهلية الإنسان وحرية تصرفه إلى أبعد مدى. ويرى أن لا يحجر على السفيه وذي الغفلة, وإن أضاعا مالهما؛ لأن المال غاد ورائح. كما لا يرى الحجر على المدين فلا توقف تصرفاته ولا يباع ماله عليه جبرا, بل يلجأ بالحبس إلى أن يبيع بنفسه ويسدد دينه، وعلى هذا الأساس نفسه رأى أن الوقف غير لازم؛ لأنه تصرف لا يخرج العين الموقوفة عن ملك الواقف، وما دام ملك المالك ثابتا فلا يسلب حق التصرف في ملكه.
أما الصاحبان فاستدلا بقول الله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} . وهذا النهي عن إعطاء السفهاء أموالهم يدل على منعهم من التصرف فيها؛ لأنهم لو أبيح لهم التصرف فيها أضاعوها, وهي في يد أوليائهم فضاعت حكمة النهي. وبأن الصبي المميز والمعتوه حجر عليهما