دليله:
الأصل الذي بني عليه الحجر هو قوله تعالى في سورة النساء: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا، وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} .
نهى الله سبحانه الولاة أن يؤتوا السفهاء أموالهم؛ لأن في إعطائها لهم تعريضها للضياع، وهذا يدل على منع هؤلاء السفهاء من التصرف فيها؛ لأنهم لو نفذت تصرفاتهم فيها لأضاعوها, وهي في يد الولاة ببيعها أو هبتها أو أي تصرف فيها, فلا يكون لحبسها عنهم فائدة ولا للنهي عن إيتائهم أموالهم ثمرة.
حكمة تشريعه: لما كان فاقد العقل وهو المجنون والصغير غير المميز ليس أهلا للقصد, ولا يتصور منه الرضا لعدم التمييز. وناقص العقل وهو المعتوه والصبي المميز ليس أهلا لتقدير المصلحة, حجر الشارع على كل واحد منهم ومنعه من التصرف في ماله حتى لا تضيع أموالهم وحتى يحال بينهم وبين من يحتالون عليهم لأخذ أموالهم بالباطل رحمة بهم، وصيانة لمالهم, كما حجر على السفيه وذي الغفلة رحمة بهما وحفظا لمالهما. وكما حجر على المدين دفعا للضرر عن دائنيه. وكم حجر على الطبيب الجاهل بمنعه من مزاولة مهنته دفعا للضرر عن الأبدان. وعلى المفتي الماجن الذي يعلم الناس الحيل دفعا للضرر عن الأديان. وعلى المكاري المفلس صيانة الأموال، ففي الحجر على كل من حجر عليهم مصلحة خاصة ومصالح عامة وكلها ترجع إلى حفظ مال من لا يستطيع المحافظة على ماله, وإلى دفع الضرر عنهم وعن الناس، فالحجر على المجنون والمعتوه والصبي والسفيه هو لمصلحة أنفسهم بحفظ أموالهم من أن يبددوها, ومن أن يسلبها الناس منهم بالباطل. والحجر على المدين, والطبيب الجاهل, والمفتي الماجن، هو لمصلحة الناس بحفظ حقوقهم وأبدانهم ودينهم.
وليس في الحجر أضرار بأموال المحجور عليهم؛ لأن الشارع جعل عليهم ولاة ماليين يحفظون أموالهم, ويستثمرونها بالمعروف وبما فيه نفعهم. ومن لا ولي له