مع أن إضرارهما بمالهما محتمل، فالسفيه وذو الغفلة أولى بالحجر عليهما؛ لأن إضرارهما بأموالهما محقق؛ ولأن في عدم الحجر على المدين إضاعة لحقوق الدائنين, وإضرارا بهم والضرر مدفوع شرعا. والمفتى به مذهب الصاحبين وعليه العمل.
والمحجور عليهم لفقد الأهلية أو نقصها أو للسفه أو الغفلة خاضعون الآن بمصر في كل ما يتعلق بالحجر عليهم، وبرفع الحجر عنهم، وتدبير شئونهم المالية للمجالس الحسبية بمقتضى المادة 3 من قانون المجالس الحسبية الصادر في أكتوبر سنة 1925، أما المدين فالنظر في تصرفاته والفصل ببطلانها أو عدمه من اختصاص المحاكم الأهلية المدنية, فهي التي يطلب منها الدائنون الحكم ببطلان تصرف مدينهم الضار بحقوقهم. ومن هذا ما نص عليه في المادة 53 من القانون المدني من أنه لا يجوز لأحد أن يوقف ماله إضرارا بمداينيه، وإن وقف كان الوقف باطلا.
أثر الحجر:
يختلف أثر الحجر في تصرفات المحجور عليه باختلاف سببه بمعنى أن أثر الحجر في تصرف الصغير يخالف من بعض الوجوه أثره في تصرف المجنون أو المعتوه أو السفيه. وهذا البيان:
الصغير غير المميز والمجنون:
الصغير غير المميز هو الطفل الذي لم تبلغ سنه سبع سنين، ولا يفهم ما يترتب على العقود والتصرفات. ولا يميز الغبن الفاحش من اليسير، والمجنون جنونا مطبقا هو من فقد عقله واستوعب جنونه جميع أوقاته. هذان فاقدا الأهلية وليس واحد منهما أهلا لأي تصرف، سواء كان نافعا أو ضارا، أو دائرا بين النفع والضرر، فكل عقد أو تصرف يباشره أحدهما يكون باطلا غير منعقد؛ لأن عبارة العاقد إنما تعتبر شرعا لما تدل عليه من الرضا والقصد. وهذان لا تمييز عندهما فلا رضا ولا قصد، فعبارة الواحد منهما لغو.
أما إذا كان المجنون جنونه غير مطبق, بأن كان يذهب عقله في بعض الأوقات ويعود إليه في بعضها، فإن تصرفاته في وقت ذهاب عقله تكون باطله؛ لصدورها