عنها زوجها بطريق التعريض مباحة. والحكمة في هذا الاستثناء أن الوفاة قطعت رباط الزوجية لا إلى عودة، وهذا من شأنه أن يجعل الراغب في زواج المتوفى زوجها لا يتحرج من خطبتها في عدتها، وإلى هذا أشار الله سبحانه وتعالى بقوله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} . ولكن لمراعاة جانب ورثة المتوفى وعدم إيذائهم بخطبة زوجة مورثهم وهي لا تزال في عدته. ولحال الحزن والحداد التي تكون عليها المتوفى عنها زوجها وفاء له، حظر التصريح بخطبتها واكتفى بإباحة التعريض بها فقط.
والفرق بين التصريح والتعريض: أن التصريح هو أن تذكر كلاما صريحا تقصد ما يدل عليه، كأن يقول الخاطب: أرغب في زواجك أو أريد أن تكوني زوجة لي. وأما التعريض فهو أن تذكر كلاما لا تريد معناه الظاهر بل تريد به معنى آخر يفهم منه بالقرائن، كأن يقول الخاطب: أنت خير زوجة أو وددت لو يسرت لي زوجة صالحة، والقرائن تدل على ما يريد من خطبتها.
وإن كانت ممن تحل له ولكنها مخطوبة لغيره خطبة شرعية فلا تباح له خطبتها ما دامت خطبة غيره قائمة ولم يبت في أمرها؛ لأن هذا اعتداء على الغير. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه, ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر".
وإذا خطب خاطب امرأة لا تباح له خطبتها شرعا أثم ديانة، ولكن لا أثر لهذا الإثم قضاء، فلو خطب معتدة غيره ثم بعد انقضاء عدتها عقد زواجه بها صح العقد ما دام قد استوفى شرائطه الشرعية. وإثمه الذي ارتكبه بخطبتها خطبة غير مباحة لا أثر له في صحة العقد بعد أن صارت غير محرمة عليه.
ومن مقدمات الزواج التي اعتاد بعض الناس تقديمها عليه: قراءة الفاتحة للدلالة على التراضي به، وحصول الوعد به من الجانبين، وقبول كل منهما هدايا الآخر، وقبول الزوجة أو وليها المهر كله أو بعضه.