روحاهما ولا يؤدم بينهما وهذا مصدر للشقاء، وبين تفريط من أسرفوا في الخيال وأباحوا للخاطب الخلوة والخلطة فعرضوا الأعراض للأخطار ومقالة السوء وخاصة إذا عدل الخاطب عن خطبته، فالإفراط والتفريط غير محمودي العاقبة والخير في الاعتدال.
من تباح خطبتها, ولا يباح للخاطب أن يخطب امرأة للزواج بها إلا إذا توافر فيا أمران: "أولهما" أن تكون المخطوبة خالية من الموانع الشرعية التي تمنع زواجه بها في الحال. و"ثانيهما" ألا تكون مخطوبة لغيره خطبة شرعية.
فإن لم تكن خالية في الحال من الموانع الشرعية بأن كانت محرمة عليه بسبب من أسباب التحريم المؤبدة، كأخته نسبا أو رضاعا، أو المؤقتة كزوجة غيره أو معتدته؛ فلا تباح له خطبتها؛ لأن الخطبة وسيلة إلى العقد ومقدمة له، وإذا كانت النتيجة غير ممكنة الحصول في الحال فالاشتغال بالوسيلة عبث يصان العاقل عنه؛ ولأن في خطبة زوجة الغير أو معتدته إيذاء لهذا الغير واعتداء عليه والله لا يحب المعتدين. ولهذا لا تحل خطبة معتدة الغير سواء كانت معتدة من وفاة أو طلاق رجي أو بائن بينونة صغرى أو كبرى؛ لأنها ما دامت في العدة فحق زوجها متعلق بها, وفي خطبتها اعتداء عليه سواء كانت الخطبة بصريح العبارة أو بطريق التعريض.
واستثنى من هذا حال واحدة، وهي ما إذا كانت المعتدة معتدة وفاة فإنه تباح خطبتها بطريق التعريض فقد ولا تباح بالتصريح.
ودليل هذا الاستثناء قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} .
المراد بالنساء في هذه الآية معتدات الوفاة؛ لأن الآية التي قبلها في شأن الذين يتوفون ويذرون أزواجا, والله نفى الجناح والإثم في التعريض بخطبتهن, فخطبة المتوفى