وهذه المقدمات من الخطبة أو قراءة الفاتحة أو التواعد أو التهادي أو قبول المهر أو بعضه لا تعتبر زواجا شرعا, ولا تربط أحدهما بالآخر برباط الزوجية، فللخاطب أن يعدل عن خطبته وللمخطوبة أن تعدل عن قبوله, ولكل منهما أن ينقض وعده1.
وإذا فسخت الخطبة سواء أكان بسبب عدول الخاطب أو المخطوبة أو عدولهما معا فإن ما قدمه الخاطب من المهر له الحق في استرداده، فإن كان قائما يجب رده إليه بعينه، وإن كان هالكا أو مستهلكا يجب رد مثله أو قيمته؛ لأنه دفع على أنه مما يجب بالزواج، وما دام الزواج لم يوجد فلم يستحق شيء من هذا الواجب وهو حق خالص للخاطب يجب رده إليه. وأما ما قدمه الخاطب من الهدايا فهو هبة وحكم الهبة أن الواهب له حق الرجوع فيها ما لم يوجد مانع من موانع الرجوع. وعلى هذا إذا كان ما أهداه الخاطب لمخطوبته قائما في يدها لم يطرأ عليه ما يمنع الرجوع فيه, كخاتم أو ساعة أو عقد لم يطرأ عليه طارئ, فللخاطب الحق في استرداده، وأما إذا كان ما أهداه الخاطب لمخطوبته ليس قائما عندها على حاله بأن هلك أو استهلك أو تغير بالزيادة أو باعته، كأن كان طعاما فأكل أو خاتما فضاع أو قماشا فخيط ثوبا، ففي كل هذا ليس للخاطب الحق في استرداد ما أهداه ولا استرداد بدل عنه؛ لأن هلاك الموهوب وخروجه من يد الموهوب له, والزيادة المتصلة فيه كلها من
موانع الرجوع في الهبة على ما سيبين في موضعه، وإذا اختلف الخاطب والمخطوبة في أن ما قدم مهر أو هدية فسيبين الحكم في هذا في قضايا المهر.
وإنما الذي يربط أحدهما بالآخر هو عقد الزواج الشرعي الذي تحققت أركانه واستوفى شرائطه.