. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ: غَيْرُ سَائِغٍ. وَأَمَّا أَنَّهَا سَقَطَتْ بِمُقَارَنَةِ الْإِعْسَارِ: فَلِأَنَّهَا لَمْ تُؤَدَّ، وَلَا أَعْلَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ فِي الذِّمَّةِ. وَلَوْ تَرَتَّبَتْ لَأَعْلَمَهُ.
وَجَوَابُ هَذَا: إمَّا بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُقَارَنَةِ الْإِعْسَارِ. وَيُجِيبُ عَنْ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَإِمَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ بِالْمُلَازَمَةِ، وَيَمْنَعَ كَوْنَ الْكَفَّارَةِ لَمْ تُؤَدَّ وَيُعْتَذَرُ عَنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ " وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: بِأَنَّهَا لَمْ تُؤَدَّ، وَيُعْتَذَرَ عَنْ السُّكُوتِ عَنْ بَيَانِ ذَلِكَ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ هَذِهِ الِاعْتِذَارَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي جِمَاعِ النَّاسِي، هَلْ يَقْتَضِي الْكَفَّارَةَ؟ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ قَوْلَانِ. وَيَحْتَجُّ مَنْ يُوجِبُهَا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَهَا عِنْدَ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ بَيْنَ كَوْنِ الْجِمَاعِ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ أَوْ النِّسْيَانِ، وَالْحُكْمُ مِنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وَرَدَ عَقِيبَ ذِكْرِ وَاقِعَةٍ مُحْتَمِلَةٍ لِأَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةِ الْحُكْمِ، مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ: يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ حَالَةَ النِّسْيَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِمَاعِ، وَمُحَاوَلَةِ مُقَدِّمَاتِهِ، وَطُولِ زَمَانِهِ، وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ: مِمَّا يَبْعُدُ جَرَيَانُهُ فِي حَالَةِ النِّسْيَانِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِفْصَالِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ " هَلَكْتُ " فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِتَعَمُّدِهِ ظَاهِرًا، وَمَعْرِفَتِهِ بِالتَّحْرِيمِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَرَيَانِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ. أَعْنِي: الْعِتْقَ، وَالصَّوْمَ، وَالْإِطْعَامَ. وَقَدْ وَقَعَ فِي كِتَابِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ " وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ غَيْرَ الْإِطْعَامِ " فَإِنْ أُخِذَ عَلَى ظَاهِرِهِ - مِنْ عَدَمِ جَرَيَانِ الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْمُفْطِرِ - فَهِيَ مُعْضِلَةٌ زَبَّاءُ ذَاتُ وَبَرٍ. لَا يُهْتَدَى إلَى تَوْجِيهِهَا، مَعَ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَمَلَ هَذَا اللَّفْظَ. وَتَأَوَّلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فِي تَقْدِيمِ الْإِطْعَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْخِصَالِ
وَذَكَرُوا وُجُوهًا فِي تَرْجِيحِ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ:
مِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْقُرْآنِ رُخْصَةً لِلْقَادِرِ. وَنَسْخُ هَذَا الْحُكْمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ الْفَضِيلَةِ بِالذِّكْرِ وَالتَّعْيِينِ لِلْإِطْعَامِ؛ لِاخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي حَقِّ الْمُفْطِرِ:
وَمِنْهَا: بَقَاءُ حُكْمِهِ فِي حَقِّ الْمُفْطِرِ لِلْعُذْرِ، كَالْكِبَرِ وَالْحَمْلِ وَالْإِرْضَاعِ:
وَمِنْهَا: جَرَيَانُ حُكْمِهِ فِي حَقِّ مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ، حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ ثَانٍ.
وَمِنْهَا: مُنَاسَبَةُ إيجَابِ الْإِطْعَامِ لِجَبْرِ فَوَاتِ الصَّوْمِ الَّذِي هُوَ