. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإمْسَاكٌ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. وَهَذِهِ الْوُجُوهُ لَا تُقَاوِمُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْعِتْقِ، ثُمَّ بِالصَّوْمِ، ثُمَّ بِالْإِطْعَامِ. فَإِنَّ هَذِهِ الْبُدَاءَةَ إنْ لَمْ تَقْتَضِ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَقْتَضِيَ اسْتِحْبَابَهُ. وَقَدْ وَافَقَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إنَّ الْكَفَّارَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ. فَفِي وَقْتِ الشَّدَائِدِ تَكُونُ بِالْإِطْعَامِ. وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِفْطَارِ بِالْجِمَاعِ، وَالْإِفْطَارِ بِغَيْرِهِ. وَجَعَلَ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِهِ: يُكَفَّرُ بِالْإِطْعَامِ لَا غَيْرُ. وَهَذَا أَقْرَبُ فِي مُخَالَفَةِ النَّصِّ مِنْ الْأَوَّلِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا ثَبَتَ جَرَيَانُ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ - أَعْنِي الْعِتْقَ وَالصِّيَامَ وَالْإِطْعَامَ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ - فَهَلْ هِيَ عَلَى التَّرْتِيبِ، أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ. وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَاسْتُدِلَّ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْوُجُوبِ بِالتَّرْتِيبِ فِي السُّؤَالِ، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا " هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ " ثُمَّ رَتَّبَ الصَّوْمَ بَعْدَ الْعِتْقِ، ثُمَّ الْإِطْعَامَ بَعْدَ الصَّوْمِ، وَنَازَعَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي ظُهُورِ دَلَالَةِ التَّرْتِيبِ فِي السُّؤَالِ عَلَى ذَلِكَ
وَقَالَ: إنَّ مِثْلَ هَذَا السُّؤَالِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ، هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ وَجَعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ التَّخْيِيرِ. وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَجِدُ شَاةً؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ: فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ» وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الشَّاةِ وَالصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ، وَالتَّخْيِيرُ فِي الْفِدْيَةِ ثَابِتٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ " هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ " يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يُجِيزُ إعْتَاقَ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ فِي الْكَفَّارَةِ، لِأَجْلِ الْإِطْلَاقِ. وَمَنْ يَشْتَرِطُ الْإِيمَانَ: يُقَيِّدُ الْإِطْلَاقَ هَهُنَا بِالتَّقْيِيدِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ
وَهُوَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ السَّبَبَ إذَا اخْتَلَفَ وَاتَّحَدَ الْحُكْمُ، هَلْ يُقَيَّدُ الْمُطْلَقُ أَمْ لَا؟ وَإِذَا قُيِّدَ، فَهَلْ هُوَ بِالْقِيَاسِ أَمْ لَا؟ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَالْأَقْرَبُ: أَنَّهُ إنْ قُيِّدَ فَبِالْقِيَاسِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ " فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا " لَا إشْكَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ نَفَى