شيئ آخر، إننا نتصرف بأنفسنا كمُلاك لها ولذلك إن تفكرنا بالعبودية فعلى سبيل المعاوضة والإستحقاق، وقد تقدم بيان ذلك.
قال ابن القيم: وهذا الفقر الذي يشيرون إليه لا تُنافيه الجِدّة ولا الأملاك، فقد كان رسل الله وأنبياؤه في ذروته مع جدتهم وملكهم فكانوا أغنياء في فقرهم فقراء في غناهم. إنتهى.
تأمل كونهم فقراء في غناهم وذلك لتمام شهودهم ملكية الرب سبحانه لهم ولما في أيديهم.
قال ابن القيم: فالفقر ذاتي للعبد، وإنما يتجدد له شهوده ووجوده حالاً وإلا فهو حقيقة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدّس الله روحه:
والفقر لي وصف ذات لازم أبداً ... كما الغنى أبداً وصف له ذاتي
واتفقت كلمة القوم على أن دوام الإفتقار إلى الله مع التخليط خير من دوام الصفاء مع رؤية النفس والعجب مع أنه لا صفاء معهما.
وإذا عرفت معنى الفقر علمت أنه عين الغنى بالله، وقالوا عن الفقر أنه: البراءة من المِلكة بحيث لا ينازع مالكه الحق.