ولعل تأمُّل بعض ما ورد بهذا المعنى يبين المراد فتحصل لنا يقظة نعلم منها ما نحن فيه قبلها.
قال بعضهم وقد سُئل: متى يستحق الفقير اسم الفقر؟
فقال: إذا لم يبق عليه بقية منه، فقيل له: وكيف ذاك؟ فقال: إذا كان له فليس له، وإذا لم يكن له فهو له.
قال ابن القيم: وهذه من أحسن العبارات عن معنى الفقر الذي يشير إليه القوم، وهو أن يصير كله لله عز وجل لا يبقى عليه بقية من نفسه وحظه وهواه، فمتى بقي عليه شيء من أحكام نفسه ففقره مدخول.
ثم فسّر ذلك بقوله: (إذا كان له فليس له) أي إذا كان لنفسه فليس لله وإذا لم يكن لنفسه فهو لله.
فحقيقة الفقر أن لا تكون لنفسك ولا يكون لها منك شيء، بحيث تكون كلك لله، وإذا كنت لنفسك فثمّ مِلْك، واستغناء مناف للفقر. انتهى.
قد ننظر في هذا الكلام فنرى أنه تحصيل حاصل فمَنْ منا لا يرى أنه كله لله؟ والواقع غير هذا، فاللسان يقول ولكن حال القلب