وقال: (واجعل حبه ومرضاته هو كعبة قلبك التي لا تزال طائفاً بها مستلماً لأركانها واقفاً بملتزمها، فيا فَوْزك ويا سعادتك إن اطلع سبحانه على ذلك من قلبك ماذا يفيض عليك من ملابس نعمه وخُلَع إفضاله). والفقر الذي يتكلمون به ويمدحونه ليس هو الفقر الذي يقابله الغنى بالمال وإنما هو فقر كما قال ابن القيم نتيجة علمين شريفين أحدهما: معرفة العبد بربه والثاني: معرفته بنفسه، فمتى حصلت له هاتان المعرفتان أنتجتا فقراً هو عين غناه وعنوان فلاحه وسعادته.
قال: وهذا هو الفقر النافع والذي يشير إليه القوم ويتكلمون عليه ويشيرون إليه.
ثم ذكر قول الأنصاري: الفقر إسم للبراءة من رؤية المِلكَة يعني أن الفقير هو الذي يجرّد رؤية الملْك لمالكه الحق فيرى نفسه مملوكة لله لا يرى نفسه مالكاً بوجه من الوجوه ويرى أعماله مستحقّة عليه بمقتضى كونه مملوكاً عبداً مستعملاً فيما أمره به سيده.
فنفسه مملوكه وأعماله مستحقة بموجب العبودية، فليس مالكاً لنفسه ولا لشيء من ذرّاته ولا لشيء من أعماله.