ليس المراد بهذا الفقر الذي نعرفه من حاجة العبد إلى ربه في أمور دنياه، وإنما المراد به شيء آخر وأعظم من هذا، وسيتبين فيما بعد إن شاء الله، وهذا كالتقديم له.
قال ابن القيم رحمه الله: وحقيقة الأمر أن العبد فقير إلى الله من كل وجه وبكل اعتبار، فهو فقير إليه من جهة ربوبيته له وإحسانه إليه وقيامه بمصالحه وتدبيره له. إنتهى.
هذا الفقر قد لا يجهله أحد وليس هو المراد هنا، وإنما المراد النوع الثاني من الفقر الذي مَنْ أحكم معرفته عرف سرّ عبوديته لربه وأنه بدون حصولها مُعذب القلب والروح في معاشه قبل معاده.
قال رحمه الله: وفقير إليه من جهة إلهيته وكونه معبوده وإلهه ومحبوبه الأعظم الذي لا صلاح له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا بأن يكون أحب شيء إليه.
فيكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله ووالده وولده ومن الخلق كلهم.