وعهد إليه عهداً تقدم إليه فيه بأوامره ونواهيه، وأعلمه في عهده ما يقربه إليه، ويزيده محبة له وكرامة عليه، وما يُبعده منه ويُسخطه عليه ويُسقطه من عينه، وللمحبوب عدو هو أبغض خلقه إليه، قد جاهره بالعداوة، وأمر عباده أن يكون دينهم وطاعتهم وعبادتهم له دون وليهم ومعبودهم الحق، واستقطع عباده، واتخذ منه حزباً ظاهروه ووالوْه على ربه، وكانوا أعداء له مع هذا العدو، يدعون إلى سخطه، ويطعنون في ربوبيته وإلهيته ووحدانيته ويسبونه ويكذبونه، ويفتنون أولياءه ويؤذونهم بأنواع الأذى، فعرّفه بهذا العدو وطرائقهم وأعمالهم وحذّره موالاتهم والدخول في زمرتهم.
وأخبره في عهده أنه أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، وأنه سبقت رحمته غضبه وحلمه عقوبته وعفوه مؤاخذته وأنه قد أفاض على خلقه النعمة وكتب على نفسه الرحمة.
فإذا تعرّض عبده ومحبوبه الذي خلقه لنفسه وأعدّ له أنواع كرامته وفضّله على غيره لغضبه وارتكب مساخطه وأبَق منه ووالى عدوه وظاهره عليه فقد استدعى من الجواد الكريم خلاف ما هو موصوف به من الجود والإحسان والبر وتعرّض لإغضابه، فبينما هو حبيبه المقرب المخصص بالكرامة إذ انقلب آبقاً شارداً راداً لكرامته