مائلاً عنه إلى عدوه مع شدة حاجته إليه وعدم استغنائه عنه طرفة عين.
فبينما ذلك الحبيب مع العدو في طاعته وخدمته ناسياً لسيده إذ عرضت له فكرة فتذكر برّ سيده وعطفه وجوده وكرمه وعَلِم أنه لا بد له منه وأن مصيره إليه وعرضه عليه وأنه إن لم يَقْدم عليه بنفسه قُدِمَ به عليه على أسوأ الأحوال، ففرّ إلى سيده من بلد عدوه وجدّ في الهرب إليه حتى وصل إلى بابه، فوضع خده على عتبة بابه وتوسد ثرى أعتابه متذللاً متضرعاً خاشعاً باكياً آسفاً يتملق سيده ويسترحمه ويستعطفه ويعتذر إليه، قد ألقى بيده إليه واستسلم له وأعطاه قِياده وألقى إليه زمامه فعلم سيده ما في قلبه فعاد مكان الغضب عليه رضاً عنه ومكان الشدة عليه رحمة به، وأبدله بالعقوبة عفواً وبالمنع عطاء وبالمؤاخذة حلماً، فاستدعى بالتوبة والرجوع من سيده ما هو أهله وما هو موجب أسمائه الحسنى وصفاته العليا فكيف يكون فرح سيده به؟ وقد عاد إليه حبيبه ووليه طوعاً واختياراً وراجع ما يحبه سيده منه برضاه، وفتح طريق البر والإحسان والجود التي هي أحب إلى سيده من طريق الغضب والإنتقام والعقوبة.