معدن أسراره، ومحل حكمته، وموضع حبه، وخلق لهم الجنة والنار.
فالخلق والأمر والثواب والعقاب مداره على النوع الإنساني، فإنه خلاصة الخلق، وهو المقصود بالأمر والنهي، وعليه الثواب والعقاب.
فللإنسان شأن ليس لسائر المخلوقات، وقد خلق أباه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأظهر فضله على الملائكة فمَنْ دونهم من جميع المخلوقات، وطرد إبليس عن قربه، وأبعده عن بابه إذ لم يسجد له مع الساجدين واتخذه عدواً له.
فالمؤمن من نوع الإنسان خير البرية على الإطلاق، وخيرة الله من العالمين فإنه خلقه ليتم نعمته عليه، وليتواتر إحسانه إليه، وليخصه من كرامته وفضله بما لم تنلْه أمنيته، ولم يخطر على باله ولم يشعر به، ليسأله من المواهب والعطايا الباطنة والظاهرة، العاجلة والآجلة التي لا تُنال إلا بمحبته، ولا تنال محبته إلا بطاعته وإيثاره على ما سواه، فاتخذه محبوباً له وأعدّ له أفضل ما يُعده محب غني قادر جواد لمحبوبه إذا قَدِم عليه.