فيجتمع من هذه الأحوال كسرة وذلة وخضوع ما أنفعها للعبد وما أجْدى عائدتها عليه وما أعظم جبْره بها وما أقربه بها من سيده فليس شيء أحب إلى سيده من هذه الكسرة والخضوع والتذلل والإخبات والإنطراح بين يديه والإستسلام له.
فلله ما أحلى قوله في هذه الحال:
أسألك بعزك وقوتك وغناك فأنا الذليل وأنا الضعيف وأنا الفقير هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته ورَغِم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذلّ لك قلبه.
يا من ألوذ به فيما أومّله ... ومن أعوذ به مما أحاذره ...
لا يخبر الناس عظماً أنت كاسره ... ولا يهيضون عظماً أنت جابره
فهذا وأمثاله من آثار التوبة المقبولة، فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتّهم توبته وليرحع إلى تصحيحها، فما أصعب التوبة الصحيحة بالحقيقة وما أسهلها باللسان والدعوى، وما عالج الصادق بشيء أشقّ عليه من التوبة الخالصة الصادقة ولا حول ولا قوة إلا بالله.