وذكر رحمه الله مقاماً من مقامات التوبة قال: لا يعرفه إلا الخواص المحبون الذين يستقلون في حق محبوبهم جميع أعمالهم وأحوالهم وأقوالهم، فلا يرونها قط إلا بعين النقص والإزراء عليها، ويرون شأن محبوبهم أعظم وقدره أعلى من أن يرضوا نفوسهم وأعمالهم لهم، فهم أشد شيء احتقاراً لها وإزراء عليها.
وإذا غفلوا من مراد محبوبهم منهم ولم يوفوه حقه تابوا إليه من ذلك توبة أرباب الكبائر منها فالتوبة لا تفارقهم أبداً. وتوبتهم لون وتوبة غيرهم لون (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) وكلما ازدادوا حباً له ازدادوا معرفة بحقه وشهوداً لتقصيرهم فعظمت لذلك توبتهم ولذلك كان خوفهم أشد وإزراؤهم على أنفسهم أعظم، وما يتوب منه هؤلاء قد يكون من كبار حسنات غيرهم.
وبالجملة فتوبة المحبين الصادقين العارفين بربهم وبحقه هي التوبة، وسواهم محجوب عنها.
وفوق هذه توبة أخرى الأَوْلى بنا الإضراب عنها صفحاً. إنتهى.
ونحن متى نعرف ما ذكر كما ينبغي فضلاً عن أن يكون مقاماً لنا وحالاً؟!! فكيف بهذا الذي فوقه؟!! فإنا لله وإنا إليه راجعون، واللهم اجبر مصيبتنا بعفوك عنا.