ولا ريب أن الخوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانخلاعه.
وهذا هو تقطّعه، وهذا حقيقة التوبة لأنه يتقطع قلبه حسرة على ما فرط منه وخوفاً من سوء عاقبته، فمن لم ينقطع قلبه في الدنيا على ما فرّط حسرة وخوفاً تقطع في الآخرة إذا حقّت الحقائق وعاين ثواب المطيعين وعقاب العاصين، فلا بد من تقطع القلب إما في الدنيا وإما في الآخرة.
ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضاً: كَسْرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء، ولا تكون لغير المذنب، لا تحصل بجوع ولا رياضة ولا حب مجرّد وإنما هي أمر وراء هذا كله، تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة، قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه طريحاً ذليلاً خاشعاً كحال عبد جان آبق من سيده فأُخِذَ فأُحضر بين يديه ولم يجد من ينجيه من سطوته ولم يجد منه بُدّاً ولا عنه غناء ولا منه مهربا، وعَلِمَ أن حياته وسعادته وفلاحه ونجاحه في رضاه عنه، وقد عَلِم إحاطة سيده بتفاصيل جناياته، هذا مع حبه لسيده وشدة حاجته إليه وعلمه بضعفه وعجزه وقوة سيده وعز سيده.