التوبة لأن العبد في البداية يشهد نفسه ورجوعه إلى ربه وتوبته إليه غائباً عن شهود من جعله كذلك ومنّ عليه به.
وليس الكلام في هذا فهو طويل عريض والإحالة فيه على كتاب (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين) و (شفاء العليل) و (طريق الهجرتين) والكل لابن القيم.
لكن هنا إشارة فقط وهو أن التائب لم يتب بحوله وقوته استقلالاً ولا أن الله جعل الهدى في قلبه ثم اهتدى هو استقلالاً أيضاً بل ما يزال ربه يجعله مهتدياً بتخليقه له في كل آناته وأوقاته، فإذا استشعر العبد هذا وعرفه معرفة قلب تاب من شهود نفسه مستقلاً بالتوبة والهدى فهنا يتوب من التوبة.
وهذا إنما يظهر بمعرفة القدر والإيمان به، ويأتي الكلام عليه فيما بعد إن شاء الله.
ولتعلم أن التوبة ليست لأحد دون أحد وأنها كما قال ابن القيم بداية العبد ونهايته.
وحاجته إليها في النهاية ضرورية كما أن حاجته إليها في البداية كذلك وقد قال الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).