وكثير من الناس ينظر إلى نفس ما يُتاب منه فيراه نقصاً ولا ينظر إلى كمال الغاية الحاصلة بالتوبة وأن العبد يعد التوبة النصوح خير منه قبل الذنب، ولا ينظر إلى كمال الربوبية وتفرد الرب بالكمال وحده وأن لوازم البشرية لا ينفك منها البشر.
وأن التوبة غاية كل أحد من ولد آدم وكماله كما كانت هي غايته وكماله.
فليس للعبد كمال بدون التوبة ألبتّة، كما أنه ليس له انفكاك عن سببها، فإنه سبحانه هو المتفرد المستأثر بالغنى والحمد من كل وجه وبكل اعتبار، فرحمته للعبد خير له من عمله فإن عمله لا يستقل بنجاته ولا سعادته، ولو وُكِلَ إلى عمله لم ينج به ألبتّة. انتهى.
مِن عدم معرفة التوبة وشأنها يغتر كثير من الناس ممن نشأوا على الإسلام يصلون ويصومون ويحجون ويظنون أن التوبة لغيرهم من أهل الفواحش ونحوهم، ولم يعلم هؤلاء عِظَمَ ما فاتهم من معرفة حقيقة التوبة والسلوك عليها، فهم على دين العادة والمنشأ، ومما يُعلم به شأن التوبة ما ذكره أهل العلم من أن العبد يتوب من التوبة وهذا ظاهره خطأ فاحش لمن لم يعرف المراد، لأن التوبة أجل الأعمال فكيف يقال: التوبة من التوبة، وإنما مرادهم التوبة من رؤية