فلو اجتهد في إحصاء أنواعها لما قَدِر، ويكفي أن أدناها نعمة النفس فما ظنك بغيرها؟
ثم يرى في ضوء ذلك النور أنه آيس من حصرها وإحصائها عاجز عن أداء حقها، وأن المنعِم بها إن طالبه بحقوقها استوعب جميع أعماله حق نعمة واحدة منها.
فيتيقن حينئذ أنه لا مطمع له في النجاة إلا بعفو الله ورحمته وفضله.
ثم يرى في ضوء تلك اليقظة أنه لو عمل أعمال الثقلين من البرّ لاحتقرها بالنسبة إلى جنب عظمة الرب تعالى وما يستحقه لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
هذا لو كانت أعماله منه فكيف وهي مجرد فضل الله ومنته وإحسانه حيث يسّرها له وأعانه عليها وهيّأه لها وشاءها منه وكوّنها ولو لم يفعل ذلك لم يكن له سبيل إليها، فحينئذ لا يرى أعماله منه وأن الله سبحانه لن يقبل عملاً يراه صاحبه من نفسه حتى يرى عين توفيق الله وفضله عليه ومنته، وأنه من الله لا من نفسه، وأنه ليس له من نفسه إلا الشر وأسبابه، وما به من نعمة فمن الله وحده فضلاً ساقه إليه من غير أن يستحقه بسبب ويستأهله بوسيلة، فيرى ربه