قال ابن القيم –رحمه الله-: أنقل قلبك من وطن الدنيا وأسكنه في وطن الآخرة ثم أقْبِل به كله على معاني القرآن واستجلائها وتدبرها وفهم ما يراد منه وما نزل لأجله، وخذ نصيبك وحظك من كل آية من آياته ونزّلها على داء قلبك.
فهذه طريق مختصرة قريبة سهلة موصلة إلى الرفيق الأعلى، آمنة لا يلحق سالكها خوف ولا عطب ولا جوع ولا عطش، ولا فيها آفة من آفاق سائر الطرق البتة، وعليها من الله حارس وحافظ يكلأ السالكين فيها ويحميهم ويدفع عنهم.
ولا يعرف قدر هذه الطريق إلا من عرف طرق الناس وغوائلها وآفاتها وقطاعها، والله المستعان.
أجمع العارفون: أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا وأخذِه في منازل الآخرة، ولا يحصل سفر القلب إلا باليقظة وهي انزعاج القلب لروعة الإنتباه من رقدة الغافلين، ولله ما أنفع هذه الروعة وما أعظم قدرها وخطرها وما أشد إعانتها على السلوك.