فمن أحسّ بها فقد أحس والله بالفلاح وإلا فهو في سكرات الغفلة، فإذا انتبه شمّر لله بهمته إلى السفر إلى منازله الأولى وأوطانه التي سُبي منها.
فحيّ على جنات عدن فإنها ... منازلنا الأولى وفيها المخيّم ...
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونُسَلّم
فأخذ في أهبة السفر، فانتقل إلى منزلة (العزم) وهو العقد الجازم على المسير، ومفارقة كل قاطع ومُعوّق ومرافقة كل معين وموصل، وبحسب كمال انتباهه ويقظته يكون عزمه، وبحسب قوة عزمه يكون استعداده.
فإذا استيقظ أوجبت له اليقظة (الفكرة) وهي تحديق القلب نحو المطلوب الذي قد استعدّ لها مجملاً ولمّا يهتد إلى تفصيله وطريق الوصول إليه.
فإذا صحّت فكرته أوْجبت له (البصيرة) فهي نور في القلب يبصر به الوعد والوعيد والجنة والنار، وما أعدّ الله في هذا لأوليائه وفي هذا لأعدائه.
فأبصر الناس وقد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحق، وقد نزلت ملائكة السموات فأحاطت بهم، وقد جاء الله، وقد نُصِب