وشهود العبد هذا في نفسه وفي غيره وتأمله ومطالعته مما يقوي إيمانه بما جاءت به الرسل وبالثواب والعقاب فإن هذا عدل مشهود محسوس في هذا العالَم ومثوبات وعقوبات عاجلة دالة على ما هو أعظم منها لمن كانت له بصيرة.
فالذنوب مثل السموم مضرة بالذات، فإن تداركها من سَقْي بالأدوية المقاومة لها وإلا قَهَرَتْ القوة الإيمانية وكان الهلاك كما قال بعض السلف: (المعاصي يريد الكفر كما أن الحُمّى يريد الموت) فشهود العبد نقص حاله إذا عصى ربه وتقير القلوب عليه وجُفُولها منه واسنداد الأبواب في وجهه وتوعّر المسالك عليه وهوانه على أهل بيته وأولاده وزوجته وإخوانه وتطلّبه ذلك حتى يعلم من أين أُتي، ووقوعه على السبب الموجب لذلك مما يُقوي إيمانه.
فإن أقلع وباشر الأسباب التي تفضي به إلى ضد هذه الحال رأى العز بعد الذل والغنى بعد الفقر والسرور بعد الحزن والأمن بعد الخوف والقوة في قلبه بعد ضعفه ووهنه ازداد إيماناُ مع إيمانه فتقوة شواهد الإيمان في قلبه وبراهينه وأدلته في حال معصيته وطاعته، فهذا من الذين قال الله فيهم: (لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ). إنتهى.