فقلوب أهل البدع والمعرضين عن القرآن وأهل الغفلة عن الله وأهل المعاصي في جحيم قبل الجحيم الأكبر، وقلوب الأبرار في نعيم قبل النعيم الأكبر (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) هذا في دورهم الثلاث ليس مختصاً بالدار الآخرة، وإن كان تمامه وظهوره إنما هو في الدار الآخرة وفي البرزخ دون ذلك، وفي هذه الدار دون ما في البرزخ ولكن يمنع من الإحساس به الاستغراق في سكرة الشهوات وطرح ذلك عن القلب وعدم التفكّر فيه.
وقد جعل الله سبحانه للحسنات والطاعات آثاراً محبوبة لذيذة طيبة، لذّتها فوق لذة المعصية بأضعاف مضاعفة لا نسبة لها إليها، وجعل للسيئات والمعاصي آلاماً وآثاراً مكروهة وحزازات تُرْبي على لذة تناولها بأضعاف مضاعفة، فما حصل للعبد حال مكروهة قط إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر، فكل نقص وبلاء وشر في الدنيا والآخرة فسببه الذنوب ومخالفة أوامر الرب، فليس في العالم شر قط إلا الذنوب وموجباتها.
وآثار الحسنات والسيئات في القلوب والأبدان والأموال أمر مشهود في العالَم لا ينكره ذو عقل سليم بل يعرفه المؤمن والكافر والبر والفاجر.