ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه وكان مأموراً بإزالته لأزالَه.
فإن قلت: فما معنى التوكل والإستعانة؟
قلت: هو حال للقلب ينشأ عن معرفته بالله والإيمان بتفرّده بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس وما لم يشأ لم يكن وإن شاءه الناس، فيوجب له هذا اعتماداً عليه وتفويضاً إليه وطمأنينة به وثقة به ويقيناً بكفايته لما توكل عليه فيه وأنه مَلِيٌّ به ولا يكون إلا بمشيئته شاء الله أم أبَوْه. إنتهى.
هذه الحال التي تكون للقلب ولا تحصل إلا بإحكام معرفة القَدَر وقد كتب فيه ابن القيم رحمه الله كتاباً في غاية النفاسة وبيّن مع القدر ومراتبه حكمة الإله العظيم فيما خلق وتعليل أفعاله سبحانه والكتاب هو: (شفاء العليل في مسائل القضار والقدر والحكمة والتعليل) وفيه الرد على من نفى حكمة الإله وإثبات الحكمة في كل ما خلق لا يخرج عن ذلك مثقال ذرة في الكون وفيه الرد على من لا يجعل عِلّة لأفعال الرب سبحانه ومن يشبّه أفعاله بأفعال المخلوقين، وفيه مناظرات بين أهل السنة وبعض طوائف الضلال مثل القدرية