والجبرية ينجلي للناظر فيها حسن وكمال مذهب السُّني في القدَر ولوازمه، وفي الكتاب غير هذا الكنوز مما لا يوجد في غيره فقدّس الله روح هذا الإمام وشيخه ورضي الله عنهما وجميع علماء المسلمين الذين حَمَوا هذا الدين ودافعوا عنه وأظهروا من جماله وكماله وحسنه ما وفقهم الله إليه مما خصّهم به.
لقد بين رحمه الله في ذلك الكتاب ما قد تحارّ به العقول مثل تقدير الشرور وخلق من فيه شر وعذاب الكفار كل ذلك وغيره بينه أحسن بيان وأنه صادر عن حكيم في كل ما خلق.
ثم قال رحمه الله يصف حال المتوكل الصادق لا ما نقوله بألسنتا عادة ودعوى: فتُشبه حالته حالة الطفل مع أبويه فيما ينوبه من رغبة ورهبة هما مَلِيَّان بهما.
فانظر في تجرّد قلبه عن الإلتفات إلى غير أبَوَيْه وحبْس همّه على إنزال ما يَنوبُه بهما.
فهذه حال المتوكل ومن كان هكذا مع الله فالله كافيه ولا بد، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي كافيه و (الحسْب) الكافي فإن كان مع هذا من أهل التقوى كانت له العاقبة الحميدة. إنتهى.