الله العبد فيلقي بقلبه نوراً يبصر به هذا الأمر حقيقة وحالاً لا علماً فقط فإنه فرق بين العلم والحال المقارنة وبين العلم المجرّد عن الحال.
وانظر كيف أن أسبابنا التي هي حركاتنا وسكناتنا روحها هو القدر الفاعل إذ هي بدونه مَوَات وعدم يظهر لك عظم شأن التوكل وكونه نصف الدين.
ثم قال رحمه الله: فلم تنفذ بصائرهم من المتحرك إلى المحرّك ومن السبب إلى المسبِّب ومن الآلة إلى الفاعل، فضعفت عزائمهم وقصرت هممهم فقل نصيبهم من (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ولم يجدوا ذوْق التعبد بالتوكل والاستعانة وإن وجدوا ذوْقه بالأوراد والوظائف. انتهى.
المحرِّك هو القدَر وهو قدرة الله عز وجل، والمتحرك هو المخلوق وهو الآلة، والفاعل هو القدر، فشهود هذه الأحوال بالبصيرة يوجب التوكل.
ثم قال: فهؤلاء لهم نصيب من التوفيق والنفوذ والتأثير بحسب استعانتهم وتوكلهم، ولهم من الخذلان والضعف والمهانة والعجز بحسب قلّة استعانتهم وتوكلهم.